- بواسطة جميلة غاطس
- سبحان الله، كان بامكان الجنود ان ينزعوا عنه جعبته، وان يأخذوا جثته الى نفق ما بجوار اكوام من الطعام والاموال، وان يلبسوا جثته ثياب النساء، كان بامكانهم ذلك واكثر، لكن الله عز وجل اراد ان يكتبوا انتصاره بأيديهم ويوثقوا صورة للتاريخ وللناس وللبشرية، صورة انتصار الدم على السيف وانتصار اللحم على النار كما انتصر اصحاب الاخدود على نار الاخدود، هي صورة هذا الشيخ بجسده النحيل بأعوامه التي قاربت على الستين، يلبس جعبته وسلاحه ومسدسه وقنابله، ليقول للأمة بأسرها ان الحرية قرار، كان بامكان الرجل وهو صاحب الجاه والمنصب ان يستكين للدنيا و أن يأخذ اجمل ما فيها وما عليها، لا مقابل ان يتنازل، بل ليقف على الحياد، لكن الرجل ادرك ان العمر ايام وتمضي وان الحياة فانية، وان هناك ما هو اسواء من الموت واهم من الحياة، رسم الرجل الطريق ودمه لن يكون عامل احباط بل سيكون موقف اصحابه من بعده كما كان موقف انس ابن النضر حين سمع خبر اشاعة استشهاد الرسول صلى الله عليه وسلم فقال للباكين، موتوا على ما مات عليه، الرجل رسم صورة ستكون ايقونة لعقود قادمة ولن تنسى، اما الحال الان على ارض الواقع فهو “يبقى الحال على ما هو عليه”
