متابعة:مراد مزراني و بوغليم محمد
في سكون الليل البهيم، حيث تتسلل الخطايا كالأشباح، وحيث يظن المُهرِّبون أن ظلالهم لن يراها ضوء القمر، امتدت أجنحة الصقور من سماء الجديدة لتُحكِم قبضتها الحديدية على أحلامٍ سوداء، حُملت في رزمٍ من سمٍّ ينخر قلوب الوطن.
تحت إشراف القائد الرائد (ب.ع)، الذي تشبه خطواته وقع أقدام الصقر حين يختار انقضاضه الأخير، نسجت خيوط العملية بدقة لا يُجيدها إلا أولئك الذين تآخوا مع الفجر وصدقه.
بعيونٍ لا تنام، ورغبةٍ حارقةٍ في انتصار الحق، استطاعت المصلحة الجهوية القضائية للدرك الملكي، وبمساندة من وحدات سرية يقودها الأبطال الخُرس الذين لا تتكلم أفعالهم إلا في ميادين الشرف، أن تقطع الطريق على موجة تهريبٍ، أرادت أن تبتلع بحارنا وتجعلها مرسى للسواد.
أربعة أطنانٍ من “الشيرا” كانت ترقد في أحشاء شاحنة باردة القلب، ترقيمها المزور مثل وعود مَن أرادوا بيع الوطن قِطعًا… في ضيعةٍ فلاحية بدوار سيدي احمو، تحت سماء كانت شاهدةً على أسرار الأرض وحكايات العابرين.
محرك بحري نفاث… وثلاث سيارات، عكست أنشطة الليل الطويل الذي يُحيك فيه المهربون خيوط الهلاك. لكن الصقر الجارح، الرائد (ب.ع)، كان ينتظر… كان يراقب… وكان يُدرك أن الصياد حين يصبر، لن يخطئ الانقضاض.
أُلقي القبض على صاحب الضيعة، وبدأت خيوط الحقيقة تتعرى شيئًا فشيئًا، بينما يظل المشتبه به الرئيسي في حالة فرار، كالأفعى التي لم يبقَ لها سوى نفسٍ أخير قبل أن تسقط. ورغم هروبه، ظلت الأرض تعرفه… ظلت السماء تشي بمساراته، وعيون رجال الدرك تترصده حيثما يذهب.
لقد كانت هذه العملية رسالةً… كلمتها الأخيرة، أن للوطن دروعًا لا يصدأ معدنها، وجنودًا يلبسون الليلَ رداءً لهم ليحموا الصباح. أن هناك من لا يتوقف عن مراقبة زوايا الظلام، من لا يرضى بأن يمر ذرةُ ترابٍ دون حراسة.
الصقر الجارح (ح.ب.ع)، ومن معه، حوّلوا الشك إلى يقين، والهروب إلى زاوية ضيقة. كل ما كان يخفى، انكشف… وكل ما ظنّوه بعيدًا عن الأعين، أصبح بين قبضات تحمل من القوة، ما يكفي لينتصر الوطن في كل المعارك.