A place where you need to follow for what happening in world cup

المغرب والجزائر: بين التنافس الجيوسياسي وآفاق التعاون الإقليمي

0 28

بقلم :المراسلة الصحفية احلام الخليفي

على مرّ العقود، ظل التوتر الجيوسياسي بين المغرب والجزائر يلقي بظلاله على المنطقة، مكرسًا حالة من الجمود والتنافر بدل التآزر والتكامل. وبالرغم من تعقيدات هذا المشهد، تبقى آفاق التعاون مفتوحة، ما يدعو إلى طرح تساؤلات حول إمكانيات تجاوز الصراعات نحو شراكة تخدم مصلحة الشعبين والمنطقة بأكملها.

المغرب: رؤية ثابتة وسياسة استراتيجية

الموقف المغربي من قضية الصحراء يتميز بثباته ووضوحه، كما أكدت الخطابات الملكية المتواصلة التي شددت على السيادة المغربية الكاملة على الأقاليم الجنوبية. ورغم المناورات الإقليمية، يبقى المغرب ملتزمًا بمبادئ التعاون وحسن الجوار، وهو ما يتجلى في الدعوات المتكررة التي وجهها الملك محمد السادس للجزائر من أجل فتح الحدود المغلقة منذ 1994، وتجاوز الخلافات في سبيل تحقيق الاستقرار والتنمية.

في هذا الإطار، استثمر المغرب في تعزيز مكانته الإقليمية من خلال مشاريع كبرى، مثل ميناء الداخلة الأطلسي، الذي يُعتبر حجر الزاوية في استراتيجيته للتحول إلى مركز تجاري يربط إفريقيا بأوروبا. هذه المبادرة تُرسخ دور المغرب كشريك اقتصادي لا غنى عنه في المنطقة، وتجعل من أقاليمه الجنوبية محركًا للتنمية الإقليمية.

الجزائر: أطماع جيوستراتيجية وتحديات اقتصادية

في المقابل، توظف الجزائر قضية الصحراء كورقة ضغط سياسي، ما يعكس طموحاتها الجيوسياسية للوصول إلى المحيط الأطلسي. هذا الهدف يرتبط برغبتها في تعزيز صادراتها من الموارد الطبيعية، مثل الغاز والحديد من منجم “غار جبيلات”، أحد أكبر المناجم في العالم. غير أن هذه الطموحات تصطدم بواقع جغرافي محدود، وبنية تحتية غير ملائمة، ما يجعل تحقيقها مكلفًا ويضعف القدرة التنافسية الجزائرية.

على المستوى الدولي، تواجه الجزائر عزلة متزايدة بسبب سياساتها الإقليمية التصعيدية. ورغم الإمكانيات الاقتصادية التي تمتلكها، فإنها لم تنجح بعد في استثمار مواردها بطريقة تُحقق تنمية شاملة ومستدامة، بل تجد نفسها أمام أزمات داخلية متفاقمة.

آفاق التعاون: “المبادرة الأطلسية” كنموذج

في ظل هذا التنافس، يبقى التعاون الإقليمي الخيار الأمثل لتجاوز الخلافات وتحقيق المصالح المشتركة. اقترح المغرب انخراط الجزائر في “المبادرة الأطلسية”، وهي مبادرة تهدف إلى خلق تكامل اقتصادي وأمني يخدم مصالح البلدين. من خلال هذه الشراكة، يمكن للجزائر الاستفادة من البنية التحتية المغربية لتسويق مواردها الطبيعية بتكلفة أقل، في حين يُعزز المغرب موقعه كمحور اقتصادي إقليمي.

نجاح هذه المبادرة سيشكل خطوة مهمة نحو إحياء حلم اتحاد المغرب العربي، الذي يُمكن أن يصبح تكتلًا اقتصاديًا قويًا يُسهم في تحقيق التنمية والاستقرار للمنطقة بأكملها.

التعاون بدل الصراع: ضرورة ملحّة

رغم التوترات، لا يزال الأفق مفتوحًا أمام المغرب والجزائر لتحقيق شراكة استراتيجية تُحول التنافس إلى تكامل. لكن هذا يتطلب تغييرًا في العقلية السياسية، خاصة من الجانب الجزائري، الذي يواصل سياسات العداء بدل البحث عن حلول تعاونية.

الرهان الآن يكمن في تجاوز الحسابات الجيوسياسية الضيقة لصالح رؤية أوسع تتبنى التعاون الإقليمي كمحرك للتنمية والاستقرار. فالمصالح المشتركة التي تجمع المغرب والجزائر أكبر بكثير من الخلافات، ما يجعل التقارب خيارًا منطقيًا لا بديل له.

> ختامًا، يبقى قرار فتح صفحة جديدة بين البلدين مسؤولية مشتركة تتطلب شجاعة سياسية ورؤية مستقبلية. وفي ظل التحديات الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة، سيكون التعاون الإقليمي السبيل الأمثل لتحويل المنطقة إلى نموذج للتكامل والشراكة بدل الصراع والجمود.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.