A place where you need to follow for what happening in world cup

قيادة حكيم دويش: سيف الحق يقطع أوتاد الاستغلال في إقليم قلعة السراغنة

0 55

متابعة:متابعة مزراني وبوغليم محمد


في مشهد يعيد إلى الأذهان قوة القصائد الأخلاقية في ديوان أبي العتاهية، حيث قيل:
“لا تأمن الدهرَ إن الدهر ذو عجبِ ** يُبدي البوادرَ في الإنسان والسببِ”،
نجحت سرية الدرك الملكي بقيادة رئيس السرية، حكيم دويش، في الكشف عن جريمة تُدمي القلوب، وتجسد أقسى صور استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.

في ضيعة زراعية نائية بنواحي مدينة العطاوية، ووسط غياهب الصمت والقهر، كان 19 شخصًا من المرضى النفسيين محتجزين، يعانون من مصيرٍ أبعد ما يكون عن الإنسانية. هؤلاء المساكين، الذين أنهكتهم أسقامهم النفسية، وجدوا أنفسهم ضحايا لعصابة استغلت هشاشتهم، فجعلتهم رهائن للعذاب والقهر. كانوا يُجبرون على العمل القسري في ظروف لا تليق حتى بالبهائم، بينما كانت تُستنزف أموال عائلاتهم تحت ذريعة توفير العلاج النفسي.

بدأت القصة حين تقدمت إحدى العائلات بشكاية إلى النيابة العامة، تكشف فيها عن معاناة ابنها، الذي أصابته وعكة صحية ألزمته المستشفى. هناك، أفشى المسكين خفايا مأساته داخل تلك الضيعة، لتنطلق على إثرها تحقيقات واسعة النطاق بإشراف النيابة العامة.

بعين يقظة وسيف العدل الذي لا يرحم الظلم، قاد رئيس سرية الدرك الملكي، حكيم دويش، عملية أمنية محكمة، أفضت إلى تحرير المحتجزين ووضع حدٍ لهذه الجريمة النكراء. وبتعليمات صارمة من النيابة العامة، جرى توقيف شخصين على ذمة التحقيق ووضعهما رهن الحراسة النظرية، فيما تم نقل الضحايا إلى المستشفى الإقليمي للأمراض النفسية والعقلية بقلعة السراغنة، حيث بُدِئَ في معالجة جراحهم النفسية والجسدية.

القضية تعيد للأذهان إرث “ضريح بويا عمر”، الذي كان ملاذًا بائسًا للمرضى النفسيين في ظروف لا تقل قسوة عن هذه الحادثة. ورغم قرار إغلاق الضريح، الذي حُسب للدولة كخطوة جريئة نحو إنهاء ممارسات العصور المظلمة، إلا أن غياب البدائل الملائمة فتح الباب أمام ظهور ممارسات استغلالية جديدة، تجسد مدى الحاجة الماسة إلى بناء مراكز علاجية متخصصة، توفر رعاية كريمة وإنسانية لهؤلاء الفئات الهشة.

إن ما قام به قائد سرية الدرك الملكي، حكيم دويش، ليس مجرد نجاح أمني عابر، بل هو صرخة في وجه واقع يتطلب إصلاحًا شاملاً. لقد جسد هذا القائد بمبادرته معاني البيت الذي قال فيه أبو العتاهية:
“وما السيف إلا توأم الحق، إن ترى ** حُسامًا بلا حقٍ فما هو بالقاطعِ”،
فقد كان حسامه حدًّا بين العدل والجور، وبين الرحمة والقسوة، وبين الإنسانية والهمجية.

هذه الحادثة يجب أن تكون جرس إنذار يوقظ الضمائر، ويُشعل إرادة الإصلاح لدى كل مسؤول وصانع قرار. فحماية المرضى النفسيين ليست رفاهية، بل واجب يفرضه علينا الدين والقانون والأخلاق، وهي معركة يجب أن يتقدم صفوفها كل قائد شجاع كحكيم دويش، وكل مسؤول يعي معنى العدالة الحقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.