A place where you need to follow for what happening in world cup

مؤتمر أنفا: نقطة تحول عززت استقلال المغرب ومكانته الدولية

0 25

 

بقلم: محمد الأعرج ورشيد الزحاف
جريدة النهضة الدولية

يشكل الاحتفاء بذكرى مؤتمر أنفا (14-24 يناير 1943 بالدار البيضاء) لحظة استثنائية في التاريخ المغربي الحديث، ليس فقط لما يحمله من رمزية استقلالية وسيادية، بل لأنه يعكس الدور المحوري الذي اضطلع به المغرب في صياغة التوازنات الدولية خلال الحرب العالمية الثانية.

حدث تاريخي برؤية استراتيجية

في قلب حرب عالمية محتدمة، جمع مؤتمر أنفا قادة الحلفاء، بمن فيهم الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، والجنرالين الفرنسيين شارل دوغول وهنري جيرو، لبحث استراتيجيات مواجهة دول المحور. اختيار المغرب، وتحديداً الدار البيضاء، لعقد هذا المؤتمر لم يكن اعتباطياً، بل تجسد لموقعه الجيو-استراتيجي الذي يربط بين أوروبا وإفريقيا والأمريكيتين.

دور محوري لجلالة المغفور له محمد الخامس

استغل جلالة المغفور له محمد الخامس انعقاد هذا المؤتمر للدفع بقضية استقلال المغرب إلى طاولة النقاش الدولي. ففي لقاء تاريخي مع الرئيس روزفلت يوم 22 يناير 1943، طالب الملك بتحرير المغرب من الاستعمار الفرنسي، مقترحاً انضمام المملكة إلى معاهدة حلف الأطلسي، بما يضمن للمغرب مكانة ضمن النظام العالمي الناشئ بعد الحرب.

الرئيس روزفلت استجاب لهذه المطالب بشكل واضح، مشيداً برؤية الملك الاستراتيجية، ما عزز شرعية القضية المغربية، وأسس لعلاقات ثنائية طويلة الأمد بين المغرب والولايات المتحدة، علاقة ما زالت تتسم بالدينامية إلى اليوم.

البعد العسكري والدبلوماسي للمؤتمر

ساهم مؤتمر أنفا في تحديد مسار الحرب العالمية الثانية، لا سيما من خلال القرارات الحاسمة كعملية “هاسكي” (الإنزال في صقلية)، التي شكلت نقطة تحول في هزيمة دول المحور. وعلى الجانب الآخر، أسس هذا الحدث لإبراز دور المغرب كشريك أساسي في الجهود الدبلوماسية والعسكرية للحلفاء.

الخبير الجيو-استراتيجي الشرقاوي الروداني يرى أن المؤتمر أرسى أسساً جديدة للجغرافيا السياسية العالمية، مؤكداً أن نجاح الحلفاء في شمال إفريقيا، بدعم مغربي، كان عاملاً حاسماً في صياغة موازين القوى الدولية.

إرث مستمر عبر الزمن

منذ مؤتمر أنفا، فرض المغرب نفسه كفاعل رئيسي في الشؤون الدولية، بداية من استقلاله، ومروراً بتعزيز مكانته كشريك موثوق للقوى الكبرى، وصولاً إلى دوره الحالي في الحفاظ على السلم العالمي وتعزيز الحوار الحضاري.

هذا الإرث الدبلوماسي، الذي وضع لبناته جلالة المغفور له محمد الخامس، تعزز مع خلفائه من السلاطين العلويين وصولاً إلى جلالة الملك محمد السادس، الذي يواصل قيادة المملكة برؤية مستنيرة نحو مزيد من الحضور الفاعل في الساحة الدولية.

خلاصة القول، مؤتمر أنفا لم يكن مجرد اجتماع عابر للحلفاء، بل كان نقطة تحول في مسار استقلال المغرب وتعزيز موقعه كركيزة أساسية في صياغة التوازنات الدولية.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.