متابعة :بوغليم محمد
في عالم تتقاطع فيه الثقافات وتتنافس فيه الإبداعات، تأتي مسرحية “المحطة 50” كواحدة من أبرز الأعمال المسرحية التي تمكنت من جذب الأضواء محليًا، لتأخذ الآن خطوة جريئة نحو العالمية. بقيادة المخرج عبد الصادق طيارة والكاتب بدر قلاج، تستعد الفرقة لتمثيل المغرب في مهرجان الأحياء الدولي بتونس، وهو حدث يُعد منصة حقيقية للحوار الفني بين الثقافات، بمشاركة فرق من دول مثل إيطاليا، بلجيكا، ألمانيا، البرازيل، السودان، مصر، وتونس.
المسرحية التي تحمل في طياتها روح التجديد والبحث الإبداعي، ليست مجرد عرض فني، بل هي مرآة تُعكس من خلالها التحديات والتحولات التي يعيشها الإنسان المعاصر. هذه المسرحية، المدعومة بسينوغرافيا راقية أشرفت عليها الفنانة التشكيلية والسينوغرافية وفاء أبوشادي، تحقق قفزة نوعية ساهمة في الارتقاء بها نحو العالمية، إذ شكلت هذه السينوغرافيا لوحة متكاملة من الإبداع البصري والجمالي الذي يعزز قوة العرض المسرحي.
وفيما يتعلق بالتقنيات الصوتية والإضاءة، فقد أبدع أحمد الوادودي، تقني الإضاءة والصوت، في إضافة أبعاد مبتكرة للعمل المسرحي. بفضل مهارته، تم استخدام تقنيات إضاءة متقنة ومؤثرات صوتية مدروسة عززت الأجواء الدرامية وساهمت في إيصال الرسائل الفنية للعمل بقوة.
ولا يمكن إغفال الدور الأساسي الذي لعبه فريق التمثيل، والذي يضم أسماءً لامعة كرّست موهبتها وحضورها لخدمة النص والرؤية الإخراجية. على رأس الفريق نجد الفنانة المبدعة والإنسانة الطيبة آمال بوعثمان، والفنانة الخلوقة ذات الأداء الرفيع حليمة بلݣدع، إضافة إلى الممثل والسيناريست بدر قلاج، الذي أبدع ليس فقط في تقديم النص، بل في تفعيله على خشبة المسرح.
من خلال تمثيل المغرب في هذا المهرجان، الذي يُعقد في شهر أبريل المقبل، تضع الفرقة المسرحية المغربية بصمتها بين أكثر من عشر دول مشاركة، لتبرهن أن المسرح ليس فقط وسيلة للتعبير، بل أيضًا جسراً يربط الشعوب ويعزز الحوار الثقافي.
هذا الإنجاز الجديد، الذي يحمل توقيع عبد الصادق طيارة وفريقه المبدع، يؤكد أن المسرح المغربي يمتلك المقومات اللازمة للولوج إلى العالمية، ليس فقط باعتباره شكلًا فنيًا، بل باعتباره رسالة ثقافية عابرة للحدود. فكيف ستقدم “المحطة 50” نفسها على هذه الخشبة العالمية؟ وهل ستتمكن من نقل صدى الإنسان المغربي إلى قلوب جمهور مختلف الثقافات؟ الأيام المقبلة وحدها تحمل الإجابة.