بقلم: أحلام أخليفي
توشك خريطة التواجد العسكري الأمريكي في أفريقيا على إعادة التشكل، مع ورود أنباء عن نية القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) نقل مقرها من شتوتغارت الألمانية إلى مدينة القنيطرة المغربية. هذه الخطوة، التي لم تُعلن رسميًا بعد، ليست مجرد تغيير في العنوان، بل تعكس تحولًا استراتيجيًا في الرؤية الأمريكية تجاه القارة السمراء، وتبرز المغرب كلاعب محوري في معادلة الأمن الإقليمي.
الموقع يصنع الفارق
اختيار المغرب لهذا الدور لم يكن اعتباطيًا، بل جاء استنادًا إلى عوامل متشابكة، تتصدرها الجغرافيا. فالمملكة، الواقعة بين أوروبا وأفريقيا، تشكل نقطة ارتكاز مثالية لوجستيًا وعسكريًا، تمنح القوات الأمريكية قدرة على التحرك بمرونة نحو بؤر التوتر في القارة. يضاف إلى ذلك الاستقرار السياسي والأمني الذي تنعم به البلاد، ما يجعلها خيارًا آمنًا مقارنة بدول أخرى تشهد اضطرابات أو هشاشة أمنية.
تحالف راسخ وتعاون متنامٍ
العلاقات المغربية الأمريكية لم تُبنَ بين عشية وضحاها، بل هي ثمرة شراكة متينة تمتد لعقود، تُرجمت إلى اتفاقيات دفاعية وتعاون استخباراتي ومناورات عسكرية ضخمة، أبرزها تمرين “الأسد الأفريقي”، الذي بات موعدًا سنويًا لتعزيز الجاهزية القتالية للقوات المشتركة. نقل “أفريكوم” إلى المغرب سيمنح هذه الشراكة بعدًا جديدًا، يضع المملكة في قلب الاستراتيجية الدفاعية الأمريكية في أفريقيا.
رهانات المستقبل.. الأمن والاستثمار العسكري
إذا صدقت التوقعات، فإن هذه الخطوة ستتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية العسكرية بالقنيطرة، من قواعد ومراكز قيادة، إلى شبكات استخباراتية وتدريبات متقدمة. في المقابل، قد يُسهم هذا الوجود العسكري في تعزيز الأمن الإقليمي، خاصة في ظل تصاعد التهديدات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة في القارة.
نقلة نوعية في موازين القوى
في حال تأكيد هذا القرار رسميًا، فإن نقل مقر “أفريكوم” إلى المغرب لن يكون مجرد تغيير في الجغرافيا، بل منعطفًا حاسمًا في العلاقات الدفاعية بين الرباط وواشنطن. خطوةٌ ستعزز من موقع المملكة كشريك استراتيجي موثوق، وستفتح آفاقًا جديدة لتعاون أمني أكثر عمقًا، في وقت تعيد فيه القوى الكبرى رسم خارطة النفوذ في أفريقيا.