A place where you need to follow for what happening in world cup

المغرب: إضراب عام عن العمل بنسبة مشاركة تزيد عن 80 في المئة احتجاجاً على «الوضع الاجتماعي المأزوم»

0 22

الرباط ـ «القدس العربي»: خاضت المركزيات النقابية المغربية إضراباً شاملاً، الأربعاء، احتجاجاً على تمرير “مشروع القانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب”، وعلى ما اعتبرته “هجوم الحكومة على مكتسبات العمال والذي يطال حقها الدستوري في ممارسة الإضراب”، كحق يكفله الدستور وحقوق الإنسان واتفاقيات منظمة العمل الدولية.
الإضراب الذي دعت له أربع نقابات “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل”، “الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب”، “المنظمة الديمقراطية للشغل”، “فدرالية النقابات الديمقراطية”، فاقت نسبة المشاركة فيه 80 في المئة، وفق بيان تلقت “القدس العربي” نسخة منه.
وثمن البيان “التجاوب والانخراط الواسع للطبقة العاملة في هذه المعركة النضالية الوحدوية والتضامن الكبير للعديد من الإطارات الحزبية والمدنية والحقوقية إيماناً منها بأهمية القرار والاحتضان الشعبي لهذه المعركة”.
وأوضح أن الإضراب جاء “دفاعاً عن الحقوق والمكتسبات التاريخية للطبقة العاملة واحتجاجاً على الوضع الاجتماعي المأزوم نتيجة الارتفاع المهول للأسعار ونسب البطالة، وتدهور القدرة الشرائية لفئات وشرائح واسعة، وكذلك احتجاجاً على التضييق على الحريات النقابية وتكبيل حق الإضراب المضمون دستورياً والمكفول بالمواثيق الدولية، وذلك من خلال مشروع القانون التكبيلي الذي مررته الحكومة اعتماداً على أغلبيتها العددية وخارج منهجيته إلى الحوار والتفاوض المسؤول من أجل الوصول إلى توافق”.
واستنكر إصرار الحكومة على تمرير مشروع قانون الإضراب في البرلمان يوم الإضراب العام، وهو ما يعتبر ـ بحسب البيان ـ “استفزازاً وتحدياً للحركة النقابية مما يزيد منسوب التوتر والاحتقان، وتحمل الحكومة مسؤولية تبعاته وتداعياته”.
وطالبت المركزيات النقابية الأربع حكومةَ عزيز أخنوش بالتراجع عن كل القرارات والقوانين التي قالت إنها “تستهدف المكتسبات الاجتماعية والحقوق والحريات وإيقاف مسطرة إقرار القانون التنظيمي للإضراب، والعودة إلى التفاوض الجدي والمسؤول”، وعبرت عن استعدادها لـ”مواصلة النضال بكل الأشكال الاحتجاجية السلمية دفاعاً عن الحق في الإضراب وكافة الحقوق والمكتسبات الاجتماعية”.
وخاض الإعلاميون العاملون في القناة التلفزيونية المغربية الثانية بدورهم إضراباً عن العمل، حيث ظهروا في النشرات الإخبارية وهم يضعون شارات حمراء على أدرعهم.
وكتب المحامي عبد الرحمن الباقوري على صفحته في الفيسبوك: ” استيقظت هذا الصباح وانتقلت إلى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء للقيام بما عهد إلي القانون القيام به، وجدت أن جميع الجلسات غير منعقدة وجميع الإجراءات غير متاحة، ذلك بسبب خوض الموظفين إضراباً عاماً وشاملاً عن العمل دفاعاً عن حقوقهم المشروعة، وأولها الحق في الإضراب”.
فيما كنت الناشط الفيسبوكي مصطفى زروال، وهو موظف بالبلدية: “مضرب يوم الأربعاء، وسأضع سيارة المصلحة بمقر العمل، ولن أوقع على الوثائق الإدارية للمواطنين”.
وأعلنت أكثر من 10 هيئات ومركزيات نقابية مغربية انخراطها في الإضراب الوطني العام، ويتعلق الأمر بـ “الاتحاد المغربي للشغل”، و”الكونفدرالية الديمقراطية للشغل”، و”الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب”، و”المنظمة الديمقراطية للشغل”، و”فيدرالية النقابات الديمقراطية”، وهيئات عمالية أخرى.
وأبرزت نقابة “الاتحاد المغربي للشغل” أن الإضراب يأتي رداً على سلوك الحكومة اللامسؤول وضداً على السياسات العمومية السلبية واللاشعبية، وإصرارها على ضرب القدرة الشرائية للمواطنين من خلال استمرار موجة الغلاء الفاحش، وتمرير “قانون الإضراب” بطرق ملتوية، إلى جانب عزم الحكومة ضرب أنظمة التقاعد والهجوم على مكتسبات العمال ومعاشاتهم ومدخراتهم الاجتماعية.
من جانبه، أعلن “الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب”، رفضه المطلق لمشروع قانون الإضراب، واعتبره يهدف لـ “تكبيل حق الإضراب والتضييق على العمل النقابي”، فيما دعت نقابة “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل” إلى الانخراط القوي والفعال في الإضراب العام، بعد “التجاهل الحكومي لدعوات العودة للحوار الاجتماعي واحترام مأسسته واستمرار ارتفاع الأسعار وتدمير القدرة الشرائية واتساع دائرة الفقر بالبلاد”.

مساس بحق دستوري

إلى ذلك، أكد محمد النحيلي، نائب الكاتب العام لنقابة “المنظمة الديمقراطية للشغل”، أن إضراب 05 شباط/ فبراير فرصة ليس فقط للاحتجاج على المساس بحق الإضراب، بل من أجل إحقاق الحق في ممارسته بشكل كامل، وعلى جميع الأصعدة النقابية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وأوضح النقابي المغربي متحدثاً لـ “القدس العربي”، أن الإضراب هو حق دستوري أصيل لا يمكن مصادرته أو تقييده بشكل يمس بجوهره، وهو ما أكده الدستور المغربي في فصوله، خاصة الفصل 29 الذي ينص على أن الحريات الأساسية، بما في ذلك حق الإضراب، مكفولة للجميع”. وأضاف أن هذا الحق يعتبر جزءاً من حقوق الطبقة العاملة التي طالما ناضلت من أجل تحقيقها في سياق تطور الحريات العامة بالمغرب.
وقال محمد النحيلي إن محاولات فرض مشروع قانون الإضراب دون مراعاة مبادئ الحوار والتشاور الاجتماعي، كما يظهر من الاحتكام للأغلبية البرلمانية التي تضم في غالبيتها أرباب العمل، تشكل خرقاً لتوجيهات العاهل المغربي ولروح الدستور الذي يكرس حق الإضراب كحق دستوري مكفول؛ ومحاولة تقييد هذا الحق أو تفريغه من مضمونه من خلال قوانين أحادية الجانب، دون تشاور حقيقي مع النقابات العمالية والمجتمع المدني، تضع حقوق العمال في خطر وتتناقض مع روح الدستور الذي يسعى لتحقيق عدالة اجتماعية حقيقية.
واعتبر النحيلي أن أي قانون قد يُفرض لتقليص هذا الحق الدستوري أو تقييده بشكل يمس بجوهره، سيعد انتهاكاً للحقوق الدستورية والإنسانية التي كفلها الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب، خاصة تلك الخاصة بمنظمة العمل الدولية.
وأعرب عن رفضه لتمرير مشروع قانون الإضراب بهذه الطريقة، ودعا إلى فتح قنوات الحوار الجاد والتشاور الفعلي مع الفرقاء الاجتماعيين بما يضمن تحقيق التوازن بين حقوق العمال وحق استمرارية العمل، مع الحفاظ على المكتسبات الدستورية.
وأفاد نائب الكاتب العام لنقابة “المنظمة الديمقراطية للشغل”، لـ”القدس العربي”، أنه كان من الأجدر أن “تدّخر الحكومة مجهودها في محاولة الإجهاز على المكتسبات العمالية أو تقييد حق الإضراب، وتوجيهه نحو إيجاد حلول واقعية وعملية لتحسين الأوضاع الاجتماعية التي تتدهور بسرعة”.
وتابع: “كان من الأفضل أن تركز على مراجعة السياسات الاقتصادية والعمالية، وتعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تحسين شروط العمل، مكافحة البطالة، وزيادة القدرة الشرائية للطبقات المتضررة، وليس محاولة تقليص الحقوق الأساسية التي يكفلها الدستور”.
وأبرز النحيلي أن التّوجه نحو التضييق على الحق في الإضراب لن يؤدي إلا إلى زيادة التوترات وتعميق الاحتقان الاجتماعي، بينما كان بإمكان الحكومة أن تكون شريكاً فاعلاً في تعزيز الاستقرار الاجتماعي وتحقيق توازن فعلي بين حقوق العمال وحقوق المشغلين، بما يضمن استمرارية المرافق العامة وتحقيق التنمية المستدامة.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي المغربي، علي الغنبوري: “لو كنت في مكان الحكومة لَسَعيتُ بكل طاقتي لإنجاح الإضراب العام، لأن فشله لن يكون انتصاراً، بل سيكون إعلاناً عن نهاية دور النقابات وما يعنيه ذلك من فراغ تمثيلي قد يفتح الباب أمام أشكال احتجاج غير مؤطرة”.
وأفاد الغنبوري بأن النقابات قد تكون تسرَّعت في وضع نفسها في كفة ميزان سياسي واجتماعي قد يعصف بها أو قد يُعلي من شأنها، لكن الأمر أصبح أمراً واقعاً، وأي فشل للإضراب لن تدفع كلفته النقابات وحدها، بل المنظومة التمثيلية ككل؛ لافتاً إلى أن الحكومة مطالبة بالتحلي ببعد سياسي في التدبير، ذلك أن إضعاف النقابات قد يبدو مكسباً آنياً، لكنه يحمل في طياته تهديداً طويل الأمد للاستقرار الاجتماعي، لا بديل عن الحوار الجاد والمسؤول لضمان توازن المصالح وتجنب الانزلاق نحو الفوضى.
وصادق مجلس النواب في جلسة تشريعية عقدها صباح الأربعاء، بالأغلبية، على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، وذلك في إطار قراءة ثانية. وحظي مشروع القانون بموافقة 84 نائباً، فيما عارضه 20 نائباً دون تسجيل أي امتناع عن التصويت.

تضامن سياسي وحقوقي

في غضون ذلك، أعرب حزب “التقدم والاشتراكية” عن تضامنه مع دعوات المركزيات النقابية ووصَف الإضراب العام “محطة نضالية مجتمعية بارزة”، معبراً عن قلقه مما أسماه “تعنت الحكومة في تجاهل الاحتقان الاجتماعي المستمر ورفضها اتخاذ إجراءات ملموسة لتحسين الأوضاع، واستمرارها في تبني سياسات غير شعبية، بالإضافة إلى تزايد الفساد والممارسات المنافية للدستور، يعمق من معاناة المواطنين ويزيد من تأزم الأوضاع” وفق تعبير بلاغ الحزب السياسي المعارض.
من جهته، أعلن “الحزب الاشتراكي الموحد” دعمه الكامل للإضراب العام، مؤكداً أنه “يشكل نضالاً أساسياً في الدفاع عن حقوق العمال وحرياتهم”؛ ومبرزاً “أهمية وحدة الصف النضالي والانخراط بقوة في هذه المحطة النضالية التاريخية، ومواجهة السياسات الحكومية التي تتسبب في ارتفاع الأسعار وزيادة معاناة المواطنين”.
من جهتها، دعت “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” إلى التراجع عن مشروع قانون الإضراب وفتح حوار مع كافة الفرقاء الممثلين للعمال، من أجل التوافق على قانون يضمن الحقوق والحريات، “بعيداً عن أي انحياز إلى “الباطرونا” (أي أرباب العمل الكبار) على حساب حقوق العمال والعاملات، وفي احترام للدستور والتشريعات الأممية ذات الصلة”.

ANNAHDA NEWZ

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.