بقلم: نجاة، مندوبة جريدة النهضة الدولية – جهة فاس/مكناس
في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها وسائل النقل الحضري، برزت الدراجات الكهربائية، أو ما يعرف بـ”التروتينيت”، كوسيلة تنقل عصرية، اقتصادية وصديقة للبيئة. ومع هذا الانتشار الواسع، خاصة في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط، ظهرت تحديات عدة، حيث بدأت ممارسات قد تشكل تهديدًا للسلامة الطرقية وتساهم في فوضى في الفضاءات العامة.
وفي استجابة لهذه المستجدات، أصدرت الأمانة العامة للحكومة مشروع تعديل وتتميم القانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير، بإشراف من وزارة النقل واللوجستيك. وقد تم نشر هذا المشروع للرأي العام لإبداء الملاحظات، ويهدف إلى إدراج التروتينيت والدراجات المشابهة ضمن الإطار القانوني، محاطًا بمجموعة من الضوابط التي تهدف إلى تعزيز النظام والانضباط في الطرقات.
وفقًا للمادة الأولى من مشروع التعديل، سيتوجب على مستخدمي الدراجات الكهربائية الالتزام بارتداء الخوذات الواقية المعتمدة رسميًا، مع فرض غرامات مالية على المخالفين. ولم يقتصر المشروع على مسألة الحماية الفردية، بل شمل أيضًا مخالفات أخرى تتعلق بسلوكيات قد تضر بسلامة مستخدمي الطريق، مثل مخالفة إشارات المرور، بما في ذلك علامات “قف” والأضواء الحمراء، بالإضافة إلى استخدام الهاتف المحمول أو أي جهاز مشابه أثناء القيادة، لما يشكله ذلك من تشتيت للانتباه وخطر على السلامة العامة.
جاءت هذه التدابير لسد فراغ قانوني طالما شغل المهتمين بالشأن المروري. فقد اعتبر العديد من رجال الأمن ومسؤولي قطاع النقل أن تقنين هذه الوسيلة أصبح ضرورة ملحة، بالنظر إلى تزايد الحوادث المرتبطة بسوء استخدامها. لا شك أن هذه الإجراءات ستلقى ترحيبًا واسعًا من المواطنين، الذين عانوا من الفوضى التي تسببت فيها الدراجات الكهربائية في الأزقة والشوارع، خاصة في المناطق المكتظة. كما أن رجال الأمن، الذين يسهرون على الحفاظ على النظام وتطبيق القانون، سيجدون في هذه التعديلات أدوات قانونية فعالة لضبط المخالفات وحماية الأرواح. C
من ناحية أخرى، قد يواجه المشروع اعتراضات من مستخدمي التروتينيت أنفسهم، الذين يعتبرونها وسيلة نقل بيئية واقتصادية تساهم في تقليص الازدحام والتلوث. هؤلاء يرون أن فرض غرامات وقوانين صارمة قد يثني الناس عن استخدام هذه الوسيلة، مما قد يؤدي إلى العودة لاستخدام السيارات وما تحمله من أعباء بيئية واقتصادية.
يبقى السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: كيف ستتمكن الجهات المعنية من تطبيق هذه القوانين على أرض الواقع؟ وهل سترافق هذه التشديدات القانونية تدابير تحفيزية، مثل تخصيص مسارات آمنة للدراجات الكهربائية وتوفير بنية تحتية مناسبة؟ أم أن المسألة ستقتصر على فرض العقوبات دون معالجة الأسباب الجوهرية للفوضى؟
الأيام القادمة كفيلة بالكشف عن اتجاه الأمور، بين تشديد يحفظ النظام والسلامة الطرقية، أو إبقاء الوضع الراهن بما فيه من مخاطر ومزايا. في كل الأحوال، يبقى حرص رجال الأمن ويقظتهم حجر الزاوية في إنجاح أي مبادرة تهدف إلى تحسين السير والجولان في شوارع المملكة.