A place where you need to follow for what happening in world cup

المغرب… حينما تصنع العجلات طريقاً إلى العالمية

0 18

بقلم: أحلام أخليفي

لم يعد المغرب ذاك البلد الذي يكتفي باستيراد السيارات وتداولها في أسواقه المحلية، بل أصبح اليوم مصنعاً ومصدراً ينافس عمالقة الصناعة العالمية. في ظرف سنوات قليلة، تحولت المملكة إلى قوة صناعية إقليمية ورائدة إفريقية، متجاوزةً التوقعات ومثبتةً حضورها في سباق التقدم التكنولوجي، سواء في صناعة السيارات التقليدية أو الكهربائية.

 المغرب.. زعامة صناعية بإمضاء عالمي

نجح المغرب في انتزاع لقب أكبر منتج ومصدر للسيارات في إفريقيا، متقدماً على جنوب إفريقيا التي كانت لعقود تتصدر المشهد الصناعي. الأرقام لا تكذب: أكثر من 700 ألف سيارة تُصنع سنوياً في المصانع المغربية، مع رؤية طموحة للوصول إلى مليون سيارة سنوياً بحلول 2025. خلف هذه الأرقام قصص نجاح، واستراتيجيات دقيقة، واستثمارات بمليارات الدولارات.     

كبار المصنعين يعبرون إلى المغرب

لم يكن اختيار المغرب مقراً لعمالقة صناعة السيارات محض صدفة، بل نتيجة مزيج من الموقع الاستراتيجي، والبنية التحتية المتطورة، والحوافز الاستثمارية المشجعة.

  • “رونو” (Renault):
    دخلت الشركة الفرنسية السوق المغربية بقوة عبر مصنعها العملاق في طنجة، الذي يُعتبر من بين الأضخم في إفريقيا بطاقة إنتاجية تفوق 400 ألف سيارة سنوياً. وهذا المصنع لا يكتفي بتغطية السوق المحلية، بل يُصدّر سياراته إلى أوروبا وأمريكا اللاتينية، مما يرسخ المغرب كقاعدة إنتاج عالمية.
  • “بي إس آ” (PSA – Peugeot Citroën):
    مصنع القنيطرة الذي افتتحته المجموعة سنة 2019، ليس مجرد ورشة صناعية بل هو مختبر تكنولوجي متطور يُنتج 200 ألف سيارة سنوياً مع توجه خاص نحو السيارات الكهربائية، وهو ما يعزز موقع المغرب في سباق التحول نحو الطاقة النظيفة.
  • “ستيلانتيس” (Stellantis):
    الشركة التي تمتلك علامات مثل جيب وفيات وأوبل، وضعت ثقتها في المغرب لتعزيز إنتاجها، خاصة في مجال السيارات الكهربائية، مع خطط توسعية طموحة خلال السنوات القادمة.
  • “BYD” الصينية:
    دخول العملاق الصيني إلى المغرب يُعد إعلاناً صريحاً على أن المملكة ليست فقط مركزاً للإنتاج، بل أيضاً محوراً للابتكار في مجال السيارات الكهربائية.   

 الطريق إلى المستقبل.. السيارات الكهربائية

بينما يتجه العالم نحو التخلص من المحروقات واعتماد الطاقة النظيفة، كان المغرب سباقاً في احتضان صناعة السيارات الكهربائية. بفضل استثمارات ضخمة وسياسات حكومية مشجعة، أصبح المغرب مركزاً رئيسياً لتصنيع السيارات الكهربائية وتطويرها.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فالمغرب يمتلك موارد طبيعية استراتيجية مثل الفوسفاط والكوبالت، والتي تُعد ضرورية في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية، مما يمنحه أفضلية تنافسية على الصعيد العالمي.

 صناعة السيارات… محرك للاقتصاد وفرص العمل

لم تكن ثورة السيارات مجرد تقدم صناعي، بل كانت أيضاً قاطرة للتنمية الاقتصادية. فقد ساهمت في خلق أكثر من 220 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر، مما جعل هذا القطاع واحداً من أبرز مصادر الدخل الوطني.

توسع القطاع أيضاً ساهم في دفع عجلة صناعات أخرى، مثل صناعة مكونات السيارات، والمجالات المرتبطة بالتكنولوجيا والابتكار.

المغرب يدخل حلبة الكبار

لم يعد المغرب يكتفي بتصدير السيارات إلى أوروبا وإفريقيا، بل بدأ يضع نصب عينيه أسواقاً أكثر تنافسية مثل أمريكا الشمالية وآسيا. والجودة العالية للمنتجات المغربية، المدعومة بتقنيات حديثة وكفاءات محلية، تجعل المملكة في موقع قوي لمنافسة عمالقة الصناعة العالمية.

خاتمة… العجلات التي لم تتوقف

قصة المغرب مع صناعة السيارات ليست مجرد حكاية نجاح اقتصادي، بل هي تجسيد لقدرة أمة على تحويل التحديات إلى فرص. من خلال الجمع بين الإبداع الصناعي والرؤية المستقبلية، استطاع المغرب أن يصنع طريقه نحو العالمية، ويؤكد أن عجلات التنمية حين تدور بثبات، لا شيء يمكن أن يوقفها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.