A place where you need to follow for what happening in world cup

مأساة سوق الربيع.. نيران تلتهم أرزاق البسطاء وتكشف فوضى التنظيم

0 58

مراد مزراني | عدسة: بوغليم محمد

خارج أسوار مراكش العتيقة، في قلب منطقة سيدي يوسف بن علي، كانت الحياة تدبّ في أزقة سوق الربيع العشوائي، حيث تختلط رائحة التوابل بصيحات الباعة، ويُنسج رزق البسطاء على وقع الحراك اليومي. لكن بين ليلة وضحاها، تحولت هذه الصورة النابضة بالحياة إلى مشهد مأساوي.. نيرانٌ عاتية ابتلعت الأحلام قبل أن تلتهم البضائع والخيام، لترسم في سماء المدينة سحابة سوداء من الحزن والخسارة.

لم يكن الحريق مجرد كارثة عرضية، بل كشف عن فوضى سوقٍ ظلّ خارج الحسابات التنظيمية لعقود. فالسوق، الذي يفترض أن يكون شرياناً اقتصادياً، ظل يعاني من غياب أبسط معايير السلامة، حيث تنتشر الدكاكين المكدسة دون بنية تحتية تقيها شر الكوارث.     

مشاهد الخراب لم تكن وحدها ما يؤلم، بل صرخات التجار الذين رأوا مدخرات أعوام تتلاشى في دقائق. أولئك الذين كانوا يحلمون بتوسيع تجارتهم أو تأمين مستقبل أبنائهم، وجدوا أنفسهم فجأة بلا مأوى اقتصادي، يطاردون بقايا أرزاقهم وسط الرماد.

لم تتأخر فرق الإطفاء، فجاء تدخلها سريعاً وفعالاً، مسابقةً الزمن لمنع امتداد النيران إلى المناطق المجاورة. جهود بطولية بذلها رجال الوقاية المدنية، رغم التحديات الكبيرة التي فرضتها طبيعة السوق العشوائية، حيث ممرات ضيقة وصعوبة في الوصول إلى بؤر اللهب.    .

لكن، حتى مع هذا التدخل، كانت الخسائر أكبر من أن تُحصر في أرقام، إذ لم يقتصر الاحتراق على السلع والبضائع، بل امتد ليطال أحلام الكادحين الذين لا يملكون بديلاً ولا شبكة أمان تحميهم من مثل هذه الكوارث.

السؤال الملحّ الآن: هل سيعود سوق الربيع إلى سابق عهده، وكأن شيئاً لم يكن؟ أم أن هذه الفاجعة ستكون نقطة تحول نحو إعادة هيكلة الأسواق العشوائية وتأمينها؟

إن ما حدث في مراكش ليس استثناءً، بل نموذجاً صارخاً لواقع تعاني منه العديد من الأسواق غير المهيكلة في المغرب، حيث يغيب التنظيم وتغيب الحماية، فيما يبقى التجار البسطاء في مواجهة قدرٍ غير مضمون. 

قد تكون هذه النيران قد أحرقت السوق، لكنها أيضاً أضاءت الحاجة إلى إصلاح جذري، إلى حلول تجعل التجارة أكثر أماناً واستدامة. فهل تكون هذه المأساة دافعاً للتغيير، أم أن الدخان سيتلاشى كما تلاشت وعودٌ كثيرة قبلها؟

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.