متابعة:مراد مزراني و بوغليم محمد
حين تحلق النسور.. تتهاوى الغربان!
على تخوم كلميمة، حيث يتماهى الرمل مع الصخر، وحيث تنسج الشمس خيوطها على صفحة الأرض الصلبة، كانت هناك قصة أخرى تُكتب، لا بالحبر والورق، بل بحدس رجال اختاروا أن يكونوا عين الوطن التي لا تنام، وسيفه الذي يقطع دابر الجريمة. 
.
في صباح يوم خميس، كاد أن يكون عادياً لولا أن رياح اليقظة الأمنية هبت لتُسقط من سماء الإجرام غرباناً سوداء ظنت أن الليل ساترها، فإذا بعيون الدرك الملكي، المرابطة بالمركز الترابي لكلميمة، ترصد حركتها الخبيثة، وتترصد خطواتها الملتوية، تحت إشراف قائد سرية أرفود التابعة للقيادة الجهوية بالرشيدية.
كان المهرّبون، وقد أعدّوا عدتهم، يحسبون أن الطريق سالكة، وأن مركبتهم المحملة بطن ونصف من مخدر الشيرا ستعبر كما يعبر السراب في وهج الظهيرة، لكنهم نسوا أن للحق عيونه، وأن للوطن رجالاً لا تلهيهم غواية الليل ولا تنطلي عليهم حيل المكر. وفي لحظة خاطفة، وجد السائق ومرافقه نفسيهما في مواجهة غير متكافئة، فاختارا الفرار، لكن شراك العدالة لا تفلت الطريدة، والبحث جارٍ لكشف هويتهما وإسقاطهما تحت طائلة القانون.
أما المركبة التي حملت في جوفها هذا العبء الحرام، فلم تكن سوى خدعة أخرى تكشّفت على يد المحققين، فقد كانت تحمل لوحات ترقيم مزورة، كمن يحاول أن يخفي السواد تحت قناع من البياض.
هذه الضربة الأمنية، التي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، تأتي في سياق استراتيجية صارمة تقودها القيادة العليا للدرك الملكي، حيث لا مكان للمهادنة مع مهربي السموم ولا مجال للتراخي أمام الجريمة المنظمة. فهنا، في عمق المغرب، تُكتب البطولات بصمت، وتُخاض المعارك بعيداً عن ضجيج الكلام، لأن حين تحلق النسور.. تتهاوى الغربان!
