بقلم ✍ لبنى المعلوم
يعتبر شهر رمضان المبارك فرصة للتأمل والتواصل الاجتماعي، حيث يعيش المسلمون في مختلف أنحاء العالم لحظات من الروحانية والتقرب إلى الله. ومع ذلك، فإن صورة رمضان في المجتمع لا تتشكل فقط من خلال الممارسات الفردية، بل تتأثر أيضًا بشكل كبير بالإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. يسهم الإعلام في تشكيل المفاهيم الاجتماعية حول رمضان، مما يؤثر على سلوك الأفراد والمجتمعات.
تاريخيًا، لعبت وسائل الإعلام التقليدية، مثل التلفزيون والإذاعة، دورًا مهمًا في نقل قيم رمضان. البرامج الرمضانية، المسلسلات، وحتى الإعلانات، تركز عادة على مفاهيم الكرم، العائلة، والتعاون. غير أن العديد من هذه البرامج قد تكتفي بتصوير رمضان بشكل سطحي أو مادي، حيث تركز بعض المحتويات على الاستهلاك والاحتفالات بدلاً من الجوهر الروحي للشهر. هذا قد يؤدي إلى تعزيز سلوكيات مثل الإسراف والتفاخر بدلاً من الاستمتاع بالروحانية والتقرب إلى الله.
ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، زادت قوة الإعلام في تشكيل الرأي العام. أصبحت منصات مثل فيسبوك، تويتر، وإنستغرام ساحة لنشر الصور والمحتوى المتعلق برمضان. يشارك الكثيرون صور الإفطار والسحور، مما قد يؤدي إلى ضغط اجتماعي لتقديم وجبات فاخرة، وبالتالي تعزيز ثقافة الاستهلاك. في حين أن هذه المشاركات قد تعكس الفرح والاحتفال، إلا أنها قد تخلق أيضًا شعورًا بالحرج بين أولئك الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف هذه الوجبات الفاخرة.
على الجانب الإيجابي، يمكن للإعلام أن يسهم في نشر الوعي بأهمية رمضان كفرصة للتغيير الإيجابي. العديد من الحملات الإعلامية تركز على الأعمال الخيرية، التطوع، والمساعدة الاجتماعية. هذه الحملات تعزز القيم الأساسية لشهر رمضان وتحث الأفراد على المشاركة في تحسين أوضاع الآخرين.
إن تأثير الإعلام على صورة رمضان في المجتمع هو موضوع معقد يتطلب منا التفكير النقدي. بينما يمكن للإعلام أن يسهم في تعزيز القيم الإيجابية، فإنه قد يعكس أيضًا مظاهر سلبية مثل الاستهلاك المفرط وضغوطات المجتمع. من المهم أن ندرك هذا التأثير ونسعى جاهدين لتوجيه الإعلام نحو القيم الحقيقية التي يمثلها شهر رمضان، مما يعزز من روحانية الشهر ويعكس الجوانب الاجتماعية الإيجابية التي يجب أن نحتفي بها.
