بقلم:بوغليم محمد
في مشهد سياسي واقتصادي يزداد تعقيدًا، تواصل مدريد والرباط تعزيز علاقاتهما الثنائية على أسس من التفاهم الاستراتيجي والمصالح المشتركة. وقد أكد وزير الخارجية الإسباني، خوصي مانويل ألباريس، أن بلاده تولي أهمية قصوى لحل النزاع الإقليمي حول الصحراء، معربًا عن أمل إسبانيا في طي صفحة الخلافات والتوصل إلى تسوية متفق عليها بين الأطراف المعنية.
وأعاد ألباريس التأكيد على دعم بلاده لمبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب، معتبرًا أنها الأكثر مصداقية وواقعية، وتحظى بدعم واسع داخل الاتحاد الأوروبي. هذا الموقف الإسباني الذي أرسى دعائمه رئيس الوزراء بيدرو سانشيز في رسالته للعاهل المغربي عام 2022، بات اليوم يشكل ركيزة أساسية في العلاقات الثنائية، كما تم تكريسه في الإعلان المشترك بين البلدين.
علاوة على البعد السياسي، تشكل العلاقات الاقتصادية بين المغرب وإسبانيا نموذجًا للتعاون المثمر، حيث وصلت المبادلات التجارية بين البلدين إلى مستويات قياسية، متجاوزة أحيانًا نظيرتها مع قوى اقتصادية كبرى مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. كما أن إعادة فتح الجمارك في مليلية، وإنشاء مكتب جمركي لأول مرة في سبتة، يعدان مؤشرًا واضحًا على مستوى التنسيق الوثيق بين الطرفين.
وفي سياق التحديات المشتركة، لا تزال قضايا الأمن ومكافحة الهجرة غير الشرعية تتصدر أجندة التعاون المغربي الإسباني، إذ يعتبر المغرب شريكًا استراتيجيًا لإسبانيا ولأوروبا ككل، بفضل موقعه الجيوسياسي ودوره الحيوي في استقرار المنطقة.
إن هذه الدينامية المتجددة في العلاقات بين الرباط ومدريد تعكس إرادة سياسية واضحة للارتقاء بالشراكة إلى مستويات أعمق، وترسيخ أسس التعاون المبني على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، بعيدًا عن حسابات الماضي ومتاهات الخلافات.