بقلم:Najat nassiri
مندوبة جريدة النهضة الدولية تفي جهة فاس مكناس
عندما يُذكر اسم الشيخ سيد النقشبندي، يتبادر إلى الأذهان صوتٌ عذب يحمل ملامح الروحانية والتصوف، ويعيد إلى الأذهان ليالي رمضان العامرة بالإيمان. لقد ارتبط صوته في وجدان المستمعين بنداء مدفع الإفطار، وأصبحت ابتهالاته، وعلى رأسها “مولاي”، جزءاً من الذاكرة الجماعية، لا في مصر وحدها، بل في العالم العربي والإسلامي.
لكن الظاهرة اللافتة أن النقشبندي تجاوز حدود الزمان والمكان، بل وتخطى الأطر الدينية، ليصبح صوته جزءاً من المشهد الثقافي، حتى بين غير المسلمين. فداخل الأوساط الشبابية، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت محاولات لتقليد أدائه، ليس فقط من المصريين، بل أيضاً من اليمنيين والفلسطينيين وغيرهم.
التقاء الأديان في صوت واحد
يروي مينا فهيم، الشاب القبطي ذو الـ19 عاماً من صعيد مصر، عن مدى تأثير ابتهال “مولاي” في حياته، حيث اعتاد تقديمه ضمن حفلات تجمع بين الأصوات الإسلامية والمسيحية. وقد كان أداء هذا الابتهال في تعاون مشترك بين جامعة الأزهر ومدرسة الفرنسيسكان حدثاً استثنائياً يعكس التداخل الثقافي العميق بين الديانتين.
ومنذ طفولته، ارتبط مينا بالنقشبندي من خلال كورال جمعية الصعيد، حيث بدأ بحفظ ابتهالاته في سن السابعة، ليصبح جزءاً من صوته وهويته الفنية. تجربة مينا تسلط الضوء على قدرة الموسيقى الروحانية على تجاوز الفروقات العقائدية، وإيجاد مساحات مشتركة من الجمال والتسامح.
ظاهرة النقشبندي الرقمية
لا تقتصر شهرة النقشبندي على الأرشيف الإذاعي أو الاحتفالات الدينية، بل تجدها نابضة بالحياة في الفضاء الرقمي. فموقع يوتيوب ومنصات مثل تيك توك تعجّ بتسجيلات حديثة لأشخاص من خلفيات مختلفة يحاولون إعادة إنتاج ابتهالاته بأساليب متنوعة، مما يثبت أن الإرث الروحاني يمكنه الاستمرار والتجدد مع كل جيل.
إرث يتحدى الزمن
بقي صوت النقشبندي علامة رمضانية خالدة، لكنه في الوقت نفسه تجاوز تلك المناسبة ليصبح رمزاً للتواصل الإنساني عبر الأديان والثقافات. وبينما تتغير الأذواق والأنماط الموسيقية، يظل صوته قادراً على ملامسة الأرواح، سواء من خلال مدفع الإفطار، أو عبر مقاطع منتشرة في العالم الافتراضي، ليؤكد أن الإبداع الروحي لا يعرف حدوداً.