A place where you need to follow for what happening in world cup

القضاء الإداري بمراكش يفصل في تجريد مستشارين جماعيين: بين الانضباط الحزبي وحرية القرار السياسي

0 16

هيئة التحرير 

في مشهد يعكس تصاعد التوتر داخل المجالس الجماعية، أصدرت المحكمة الإدارية الابتدائية بمراكش أحكامًا نهائية بتجريد عدد من المستشارين الجماعيين من عضويتهم، إثر دعاوى رفعتها أحزابهم السياسية، متذرعة بمخالفات تنظيمية وسياسية مست جوهر الالتزام الحزبي والانضباط الداخلي. هذه الأحكام لم تكن مجرد قرارات قضائية بقدر ما كانت إعلانًا عن معركة تكسير عظام سياسية، حيث بات القضاء طرفًا حاسمًا في النزاعات التي تعصف بالمجالس المنتخبة.

تفاصيل الأحكام والمستشارون المعنيون

في جلسة يوم الثلاثاء 25 فبراير الماضي، نطقت المحكمة الإدارية بحكمها القاضي بتجريد فاطمة بوقدير، المستشارة الجماعية عن حزب الاتحاد الدستوري، من عضويتها في المجلس الجماعي لجماعة حربيل، التابعة لعمالة مراكش. ولم يكن هذا القرار الوحيد، إذ شمل أيضًا هشام عقيم، نور الدين عبد الكريم، ومحمود سعيد، المستشارين عن حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس جماعة أولاد حسون حمري.

اللافت أن هذه الأحكام ليست سابقة قضائية، فقد سبق للمحكمة أن أسقطت عضوية مستشارين آخرين عن حزب الأصالة والمعاصرة داخل جماعات سيدي بوبكر ورأس العين بإقليم الرحامنة، ما يشي بتزايد اللجوء إلى القضاء كوسيلة لحسم النزاعات داخل المجالس الجماعية، في مشهد يُعيد طرح إشكالية الحدود الفاصلة بين الالتزام الحزبي وحرية المستشار في اتخاذ القرار السياسي.

القضاء الإداري في قلب الصراع السياسي

تستند الأحكام إلى القانون التنظيمي للجماعات الترابية، الذي يمنح الأحزاب حق الطعن في استمرار عضوية المستشارين إذا ثبت أنهم خرجوا عن خط الحزب أو صوتوا ضد قراراته الاستراتيجية. في هذه الحالة، كان تصويت المعنيين ضد مشاريع ميزانيات وبرامج تنموية هو القشة التي قسمت ظهر العلاقة بينهم وبين أحزابهم، إذ تم تفسير ذلك على أنه “خيانة تنظيمية” تستوجب التجريد.

لكن في المقابل، يرى متابعون أن هذا التوجه يحمل في طياته خطرًا على استقلالية القرار الجماعي، إذ قد يُحول المستشارين إلى مجرد منفذين لتوجيهات حزبية، بدل أن يكونوا ممثلين حقيقيين للسكان الذين انتخبوهم بناءً على برامج ووعود تتجاوز الولاءات الضيقة. كما أن اللجوء المتكرر إلى القضاء قد يفرغ العمل الجماعي من جوهره التشاركي، ويجعل من المجالس المنتخبة ساحات لتصفية الحسابات السياسية بدل فضاءات لصناعة القرار التنموي.

ما بين القانون والواقع: هل يبقى الناخب الحلقة الأضعف؟

القضاء الإداري، وإن كان يؤدي دوره في حماية الشرعية، إلا أن هذه الأحكام تثير تساؤلات حول تأثيرها على ثقة المواطنين في المؤسسات المنتخبة، خاصة عندما يُصبح تغيير التمثيلية الجماعية نتيجة قرارات قضائية لا صناديق الاقتراع. فإذا كان المستشار ملزمًا باتباع حزبه، فأين حرية قراره السياسي؟ وإذا تمسك بموقفه فُصل من المجلس، فأين إرادة الناخبين الذين منحوه ثقتهم؟

في النهاية، تظل المعركة الحقيقية ليست بين المستشارين وأحزابهم فحسب، بل بين العمل السياسي القائم على الولاء الحزبي، والممارسة الديمقراطية التي تمنح المنتخبين سلطة اتخاذ القرار بناءً على قناعاتهم وخدمة مصالح دوائرهم الانتخابية. وبين هذه الثنائية، يبقى الناخب هو الحلقة الأضعف، يراقب المشهد من بعيد، منتظرًا أن يقرر القضاء مصير من اختارهم في صناديق الاقتراع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.