A place where you need to follow for what happening in world cup

حين يتحوّل الفساد إلى سمٍّ مغلّف بالأرباح: فضيحة غذائية تهزّ البرنوصي

0 16

 

في مشهد يكاد يكون مستوحى من أفلام الجرائم الاقتصادية، اهتزت منطقة البرنوصي بالدار البيضاء على وقع فضيحة غذائية مدوية، بعد أن كشفت سلطات الأمن عن نشاط إجرامي يُدار من قلب الحي الصناعي. كانت الصدمة بحجم الكارثة، حين تم حجز أطنان من المواد الغذائية الفاسدة داخل مستودع شركة مملوكة لرجل أعمال أردني، متخفٍّ عن الأنظار، بعدما حوّل الغذاء إلى قنبلة موقوتة تهدد صحة المغاربة.

أعلاف تتحول إلى غذاء بشري!

بحسب مصادر مطلعة، بدأت خيوط الجريمة تتكشف عندما توصلت الجهات الأمنية بمعلومات حول أنشطة مريبة داخل المستودع، حيث كانت البضاعة تتدفق من أسواق ممتازة تحت ذريعة تخصيصها لصناعة الأعلاف. غير أن الواقع كان أكثر سوداوية، إذ لم تكن هذه المواد تُستخدم في إطعام الحيوانات، بل كانت تُحقن بحياة مزيفة عبر تزوير تواريخ صلاحيتها وإعادة بيعها بأسعار مغرية، لتصل إلى موائد الأسر دون أن يدرك أحد أنها قنبلة موقوتة.

ماكينة التزوير: هندسة إجرامية بلمسة احترافية

فوجئت اللجان المختصة، التي ضمّت عناصر من الأمن والجمارك ومكتب “أونسا”، عند مداهمة المستودع، بآلات متطورة قادرة على إعادة كتابة التاريخ… لكن ليس بمعناه الزمني، بل على عبوات الغذاء الفاسد! لم يقتصر الأمر على تزوير تواريخ الصلاحية، بل طال أيضًا التلاعب بـ”الباركود” لإيهام المستهلكين بأن المنتجات حديثة الصنع.

اعتقالات ورأس الأفعى يختفي

في خطوة حازمة، تم توقيف المسؤول المغربي المشرف على الشركة، إلى جانب سبعة عمال من دول إفريقيا جنوب الصحراء، فيما ظلّ المالك الأردني مجهول المصير، كأنه تبخر في الهواء. ومع ذلك، فالأدلة ضده ثقيلة، خاصة أنه لم يكن وجهًا جديدًا في هذا العالم القذر، إذ سبق له التورط في قضية مماثلة بمنطقة بوسكورة سنة 2024، حيث ضبطت السلطات حينها مستودعًا آخر يعجّ بمواد غذائية فاسدة تحمل تواريخ مزيفة.

العسل المزيف: خداع بطعم السمّ

في خضمّ عمليات التفتيش، كان الاكتشاف الأكثر إثارة للفزع يتمثل في “العسل الحر” المزعوم، الذي كان يُسوَّق للمستهلكين على أنه طبيعي وصحي. لكن الحقيقة كانت أشبه بكابوس، إذ كان يُستخرج من مادة سوداء متجمدة مجهولة المصدر، يتم إذابتها وتحويلها إلى سائل يوضع في قنينات زجاجية أنيقة، تُباع على أنها عسل فاخر!

ملايير على حساب صحة المغاربة

لم يكن هذا النشاط مجرد جريمة اقتصادية، بل كان جريمة ضد الحياة، حيث أظهرت التحقيقات أن المتهم الأردني حقق أرباحًا خيالية تُقدّر بالمليارات، مستغلًا جشع بعض الأسواق الممتازة التي باعت له المواد شبه الفاسدة، ومستفيدًا من شبكة توزيع تُغرق الأسواق الوطنية بمنتجات مميتة متنكرة في ثوب الغذاء.

جرس الإنذار: متى ينتهي مسلسل العبث؟

هذه الفضيحة ليست مجرد حادث عابر، بل هي انعكاس لخلل أكبر في سلاسل التوريد والرقابة الغذائية، ما يستدعي إعادة النظر في المنظومة بأكملها. فحين يتحوّل الفساد إلى سمٍّ مغلّف بالأرباح، يصبح السؤال الملحّ: من يضمن لنا أن ما نأكله ليس خدعة قاتلة؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.