بقلم :أحلام اخليفي
في مشهد يجسد معايير النزاهة والشفافية في الدول الديمقراطية، قدمت الوزيرة السويدية مونا سالين استقالتها من منصبها، بعد إدانتها من قبل القضاء السويدي باستخدام بطاقة صرف حكومية في معاملة شخصية. القضية التي قد تبدو للبعض بسيطة، كشفت عن مدى صرامة القوانين في حماية المال العام، حتى وإن تعلق الأمر بمبلغ لا يتجاوز 60 دولارًا.
تفاصيل الحادث تعود إلى استخدام الوزيرة لبطاقة حكومية مخصصة للنفقات الرسمية، لملء خزان وقود سيارتها الخاصة. وبررت سالين فعلتها بأنها نسيت بطاقتها الشخصية في المنزل واضطرت لاستخدام البطاقة الحكومية، مؤكدة أنها أعادت المبلغ في اليوم التالي. إلا أن ذلك لم يشفع لها أمام القانون والرأي العام، حيث تم اعتبار تصرفها استغلالًا غير مشروع للمال العام، مما دفعها إلى تقديم استقالتها فورًا، في خطوة تعكس التزام المسؤولين في السويد بمبدأ المحاسبة دون استثناءات.
ما يميز هذه الواقعة ليس حجم المبلغ، بل الرسالة التي ترسلها إلى المسؤولين في مختلف أنحاء العالم: لا أحد فوق القانون، والأمانة في تدبير المال العام ليست وجهة نظر، بل التزام صارم. في وقتٍ تتكرر فيه الفضائح المالية في العديد من الدول دون محاسبة، يبرز هذا المثال السويدي كنموذج صارم يُعلي من قيم الشفافية، ويؤكد أن المسؤولية تكليف وليست تشريفًا.
إن استقالة وزيرة بسبب 60 دولارًا قد تبدو صادمة في بعض الدول، لكنها في السويد مؤشر على حياة سياسية سليمة تحترم المواطنين، وتضع المسؤول تحت مجهر المحاسبة. فمتى يصل هذا الدرس إلى دول أخرى؟