A place where you need to follow for what happening in world cup

عنف الشاشة وتأثيره على المجتمع: حين تتحول الدراما إلى مشهد دموي

0 26

ادريس فقيري

في السنوات الأخيرة، بدأت بعض الإنتاجات الفنية تتجه نحو تكريس ثقافة العنف من خلال مشاهد مفرطة في الوحشية، حيث أصبح حمل الأسلحة البيضاء، الخطف، القتل، وسلب المواشي عناصر متكررة في السيناريوهات، تُعرض أمام المشاهد دون أي ضوابط واضحة. وبينما يبرر صناع هذه الأعمال ذلك بمحاولة نقل “الواقع”، فإن التأثير السلبي على المجتمع، وخاصة على الشباب والمراهقين، أصبح حقيقة لا يمكن إنكارها.

التطبيع مع العنف

عندما تتكرر مشاهد الطعن والقتل والسرقة في الأعمال التلفزيونية، يتحول العنف من كونه جريمة مرفوضة إلى “سلوك مألوف”، خاصة في أذهان الشباب الذين قد يعتبرونه وسيلة لإثبات القوة أو لحل الخلافات. هذا التطبيع يساهم في انتشار الجريمة في الواقع، حيث يبدأ بعض الأفراد في تقليد ما يرونه على الشاشة دون وعي بخطورته.

تحطيم صورة الأمن المجتمعي

تصوير المجتمع على أنه غابة تحكمها قوانين القوة والبطش يزرع الخوف في النفوس، خاصة لدى الفئات الضعيفة. فبدل أن تقدم الدراما حلولًا ومبادئ للعيش المشترك، ترسخ فكرة أن العنف هو الطريق الوحيد للنجاح أو النجاة، مما يعمق أزمة الثقة بين الأفراد ويؤدي إلى زيادة الجريمة والشعور بانعدام الأمان.

التأثير النفسي على الشباب

المراهقون أكثر الفئات تأثرًا بما يشاهدونه، فغياب الرقابة الأسرية والتوجيه يجعلهم عرضة لتبني سلوكيات خطرة، مثل حمل الأسلحة البيضاء أو الانخراط في عصابات الشوارع، ظنًا منهم أن ذلك يمنحهم القوة أو الاحترام. وبدل أن تكون الدراما وسيلة لتوجيه الجيل الصاعد نحو القيم الإيجابية، أصبحت في بعض الأحيان مدرسة للعنف والجريمة.

المسؤولية الأخلاقية لصناع المحتوى

يُفترض أن تكون الدراما مرآة تعكس الواقع، لكنها مسؤولة أيضًا عن توجيهه نحو الأفضل. فإذا كان لابد من عرض العنف كجزء من القصة، فيجب أن يكون ذلك ضمن سياق نقدي يظهر عواقبه، بدل تقديمه كممارسة بطولية أو وسيلة للسيطرة. كما أن الجهات المسؤولة عن الإعلام مطالبة بفرض رقابة على المحتوى الذي يُعرض للجمهور، حمايةً للنسيج الاجتماعي من التفكك.

ختامًا: الفن سلاح ذو حدين

بينما تمتلك الدراما قوة التأثير والتغيير، فإن استخدامها بشكل غير مسؤول قد يؤدي إلى انحراف الأجيال وانتشار الجريمة. لا يمكن إنكار أن بعض الظواهر موجودة في الواقع، لكن تقديمها بشكل مبالغ فيه دون رسالة واضحة يضر أكثر مما ينفع. فهل حان الوقت لإعادة النظر في معايير إنتاج الأعمال الفنية؟ أم سنستمر في مشاهدة تحول الشاشات إلى ساحة حرب مفتوحة؟

المراسل ادريس فقيري

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.