الاستاذ ادريس
الدار البيضاء – في قلب الخطر اليومي
تشهد مدينة الدار البيضاء في الآونة الأخيرة تصاعدًا ملحوظا في نشاط قطاع الطرق، خاصة في الأحياء الشعبية والمناطق الهامشية التي تعاني من ضعف التغطية الأمنية. فقد أصبحت مشاهد السرقات تحت التهديد بالسلاح الأبيض، والاعتداءات الجسدية على المواطنين، جزءًا من الواقع اليومي الذي يعيشه السكان، خصوصًا في الفترات الليلية.
أحياء مستهدفة
تشير شهادات مواطنين إلى أن مناطق مثل سيدي مومن، عين السبع، المدينة القديمة، وحي مولاي رشيد، وطريق مقبرة الغفران تشهد ارتفاعًا في عدد الاعتداءات، سواء على المارة أو على سائقي سيارات الأجرة والدراجات النارية. وقد أصبحت بعض الشوارع معروفة بخطورتها إلى درجة أن البعض يتفادى المرور بها حتى في وضح النهار.
وسائل جديدة ونزعة عنف متزايدة
اللافت أن قطاع الطرق باتوا يستعملون وسائل أكثر تطورا في تنفيذ جرائمهم، مستغلين الدراجات النارية للتنقل السريع والفرار، كما أن بعضهم لا يتردد في استخدام السلاح الأبيض أو حتى الأسلحة الوهمية لبث الرعب في نفوس الضحايا.
أحكام مخففة… وتشجيع غير مباشر للجريمة
ما يزيد من حدة المشكلة، حسب عدد من المراقبين، هو أن الأحكام القضائية الصادرة في حق الجناة غالبا ما تكون مخففة، مما يجعل من مدة العقوبة القصيرة بمثابة “مدرسة” يتخرج منها مجرمون أكثر خطورة. بل إن بعضهم يتفاخر بسجله الإجرامي، ويعود إلى الشارع بسلوك أكثر عدوانية وثقة.
خوف الضحايا من المتابعة القضائية
من جهة أخرى، يواجه العديد من المواطنين صعوبات في متابعة الجناة قضائيا، إما بسبب ضعف الإمكانيات، أو خوفا من الانتقام، خصوصا في الأحياء التي يعرف فيها السكان بعضهم البعض، مما يعزز مناخ الإفلات من العقاب ويشجع المجرمين على الاستمرار في أفعالهم دون خوف من العواقب.
تحول خطير: المجرمون على “السوشيال ميديا”
في تطور مقلق يزيد من تعقيد الوضع، بدأ بعض المجرمين في استغلال منصات التواصل الاجتماعي، خاصة “تيك توك” و”فيسبوك”، لنشر مقاطع يتحدثون فيها عن تجاربهم الإجرامية، وأحيانا يتفاخرون بعمليات السرقة أو الاعتداء، بل ويقدمون أنفسهم كنجوم في أوساطهم. هذه المقاطع لا تقتصر فقط على التباهي، بل في بعض الحالات تتضمن تحريضا صريحا على العنف، ورسائل تهديد مبطنة لضحاياهم أو من يفكر في التبليغ عنهم.
هذا الاستخدام الممنهج لمنصات التواصل يحول الجريمة من فعل معزول إلى “ظاهرة رقمية” تستهلك وتنتشر بسرعة، وهو ما يتطلب تدخلا حازما من الجهات الأمنية والنيابة العامة، إضافة إلى دور مؤسسات الإعلام والتربية في التصدي لهذا الانزلاق الخطير.
السلطات تتحرك… ولكن!
رغم الحملات الأمنية التي تقوم بها مصالح الأمن بين الفينة والأخرى، إلا أن هذه التحركات غالبا ما تكون محدودة من حيث الزمان والمكان، ولا تواكب اتساع رقعة الإجرام. ويطالب المواطنون بتكثيف التواجد الأمني، وتثبيت كاميرات مراقبة في النقاط السوداء، وتوفير آليات للتبليغ بشكل آمن وفعال.
أصوات المجتمع المدني
من جانبهم، دعا نشطاء المجتمع المدني إلى ضرورة معالجة الظاهرة من جذورها، من خلال مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الأمنية، الاجتماعية، الاقتصادية والتربوية، محذرين من أن تجاهل هذا الخطر سيؤدي إلى تفاقم الظاهرة وتحولها إلى نمط يومي مرعب داخل أكبر مدن المملكة.