الصين تكشف الهوة و تفضح المستور:
**العلامات التجارية الفاخرة بين مطرقةالاسعار الباهظة وسندان الجودة المزيفة*
بقلم مريم الحيمر محررة بجريدة النهضة الدولية
ليست الحرب دائما حرب أسلحة وعتاد لكن هناك بعد الحروب المعصرنة التي هي اشد وطئة واحمى وطيسا من الحروب التقليدية التي عرفناها وهي حرب المواقع والضرب بعتاد الاعلام والصورة وهذا ما فعلته الصين ردا على قانون الضرائب الذي فرضته امريكا عليها بنسبة 145 في المئة فلم يتأخر الرد ليخرج المصنعون الصينيون بزلزال مدوي اطاح باكبر الماركات العالميةف اعين محبيها وزعزع عرش القيمة الباهضة ونزع عنها تاج الجودة والاتقان لطالما ارتبطت العلامات التجارية العالمية الفاخرة في اذهاننا بالجودة الاستثنائية، والحرفية الدقيقة، والرقي هاته الصورة، التي غذتها الحملات التسويقية المكثفة والمتاجر الانيقة، مما يجعل عقولنا تبرر تلك الأسعار الصاروخية التي تُعرض بها تلك الماركات منتجاتها. لكن خلف هذا البريق، غالبًا ما تكمن حقيقة صدمت كل عاشقي الفخامة والرقي ومدعي الثراء ، حقيقة كشفت عنها المصانع الصينية التي تحتضن جزءًا كبيرًا من عملية الإنتاج.
لم يعد سرًا أن العديد من العلامات التجارية المرموقة، في سعيها لتحقيق أقصى قدر من الأرباح، تعتمد على مصانع في الصين وغيرها من الدول ذات تكاليف الإنتاج المنخفضة. هذه المصانع، التي تتمتع بقدرات تصنيعية هائلة وتكنولوجيا متقدمة في كثير من الأحيان، تنتج سلعًا تحمل أسماء لامعة مقابل جزء ضئيل من سعر بيعها النهائي في الأسواق العالمية.فمنذ سنوات ونحن نزعم ان المنتوجات الصينية هي تقليد ليقلب المصنعين الصينيون لنا طاولة معتقداتنا المغلوطة ويبينوا ا ان الصين الاصل وأصحاب الماركات هم التقليد.
الفجوة الصارخة بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع احدثت انقلابا جذريا في نضرة محبي الماركات ومن يضيعون الجزء الكبير من اموالهم عليها وفرضت تساؤلات جوهرية حول القيمة الحقيقية لهاته المنتجات. ففي حين قد لا يمكن إنكار جودة بعض المواد المستخدمة أو دقة التصميم، إلا أن هامش الربح الهائل يذهب في معظمه إلى تغطية تكاليف التسويق والإعلانات الباهظة، ورواتب المديرين التنفيذيين، وقيمة العلامة التجارية نفسها أكثر من كونه يعكس تكلفة وجودة المنتج الفعلي.
هذا الواقع يضع المستهلك في موقف معقد. فهل يدفع حقًا مقابل جودة استثنائية وحرفية واتقان لا يضاهى؟ أم أنه يدفع ثمن صورة العلامة التجارية واسمها ومكانتها الاجتماعية؟
وهل تبرر التكاليف التسويقية والتشغيلية الضخمة هذه الفروقات الهائلة في الأسعار؟
إن فضح الصين لهاته الحقيقة ليس بالضرورة اتهامًا بالاحتيال، بل هو تسليط للضوء على نموذج اقتصادي عالمي يعتمد بشكل كبير على الاستعانة بمصادر خارجية ذات تكلفة انتاجية ضئيلة لتحقيق الكفاءة والربحية. ومع ذلك، فإنها دعوة للمستهلكين لإعادة تقييم أولوياتهم عند اتخاذ قرارات الشراء. هل الأهم هو اقتناء منتج يحمل علامة تجارية مرموقة بغض النظر عن تكلفته الحقيقية؟ أم البحث عن منتجات ذات جودة مماثلة بأسعار أكثر منطقية؟
في نهاية المطاف، ومع ازدياد الوعي بهاته الحقائق، قد نشهد تحولًا في نظرة المستهلكين إلى العلامات التجارية الفاخرة وما ينفقونه من امول طائلة فيها .
إن “الفضيحة الصينية ” ليس نهاية للعلامات التجارية العالمية، لكنه دعوة صريحة لاعادة النضر في صرف مبالغ صاروخية في كسب اسماء ماركات قد تغير مفهوم الجودة والقيمة الإنتاجية العالية فيها عن ما كنا نضنه لسنوات خلت وربما انشطر عاشقوا البراندات العالمية إلى شقيين مقتنوها لاجل الجودة والاتقان سيعيدون النضر في الشراء اما مقتنوها لاجل اضهار الغنى والرقي والمكانة الاجتماعية العالية فاكيد لن تثنيهم عنها الحقائق الصينية التي فضحت المستور .