متابعة:مرادمزراني وبوغليم محمد
كما ينقض الذئب الصحراوي، أو الذئب الذهبي الإفريقي، على فرائسه في الصحراء مترصداً كل حركة، حاسماً أمره في اللحظة المناسبة، أطبقت عناصر الدرك الملكي بالرشيدية على تجار المخدرات في عملية نوعية، لم تترك لهم مجالاً للفرار أو المناورة. ففي أول أيام رمضان، وقبل دقائق فقط من موعد الإفطار، نفذت سرية الدرك عمليتين أمنيتين دقيقتين بضواحي المدينة، أسفرتا عن توقيف تاجرين وأربعة مستهلكين، في مشهد أشبه بصراع الغابة، حيث القوة والمكر يواجهان بعضهما في معركة لا تحتمل التردد.
وكما يتربص الذئب بخصومه، مترقباً لحظة الانقضاض، تحركت العناصر الأمنية بخطى ثابتة، متسللة إلى وكر الجريمة دون أن يشعر بها أحد، حتى وجدت المشتبه فيهم في حالة تلبس، في قصر مولاي محمد وقصر تزموريت، حيث أسفرت العملية عن حجز 300 غرام من مادة “الطابا” و4 كيلوغرامات من “الكيف” و240 غراماً من “الحشيش”، إضافة إلى ميزان إلكتروني يُستعمل في عمليات الوزن، ومبلغ مالي متحصل من عائدات الاتجار غير المشروع.
هذه العمليات الأمنية الدقيقة ليست مجرد تدخلات عابرة، بل هي استراتيجية محسوبة، تشبه في إتقانها تخطيط الذئب لمطاردة ناجحة، حيث لا يترك مجالاً للهروب، ولا يسمح بأي فرصة للمراوغة. إنها جزء من حرب مستمرة تخوضها سرية الدرك الملكي بالرشيدية ضد تجار السموم، بهدف تطهير المنطقة من هذه الآفة، وتعزيز الأمن والاستقرار. وكما أن الذئب لا يخشى المواجهة، فإن عناصر الدرك لا تتراجع أمام المخاطر، بل تترصد بأعين يقظة، وجاهزية دائمة، لضمان حماية المجتمع من مخالب الجريمة.
لم تشكّل الظروف الزمانية ولا حرمة الشهر الفضيل عائقاً أمام هذه الضربة الأمنية المحكمة، لأن الأمن مسؤولية لا تعرف التراخي، ولا تتوقف عند التوقيت، تماماً كما لا ينتظر المفترس الجائع وقتاً مناسباً للانقضاض على فريسته. وبحكمة ودقة، تم وضع الموقوفين تحت تدابير الحراسة النظرية، في انتظار استكمال التحقيق تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لكشف خيوط هذه الشبكة، ومعرفة الامتدادات المحتملة لأنشطتها.
وقد لقيت هذه العمليات استحساناً واسعاً من طرف المجتمع المدني، الذي رأى فيها رسالة واضحة بأن اليد التي تحمي لا تنام، وأن العيون التي تراقب لن تغفل عن أي تهديد يطال أمن المواطنين. إنها معركة بين الحزم والمكر، بين القانون والفوضى، وبين الذئب الحقيقي الذي يحمي مجاله، والضباع التي تحاول التغلغل بين ثنايا الظلام. وفي النهاية، الغلبة دائماً لمن يملك الجرأة والذكاء، ولمن يعرف متى وكيف يضرب ضربته القاصمة.