موريتانيا تغلق حدودها مع الجزائر بعد قصف المغرب لعناصر من البوليساريو…
عبد الغني جبران تمارة
أقدمت موريتانيا على إغلاق جزء حساس من حدودها الشمالية مع الجزائر، تحديدًا في منطقة “البريكة”، وهي النقطة التي تستغل عناصر من ميليشيا “البوليساريو” للعبور نحو المنطقة العازلة في الصحراء المغربية. قرار مفاجئ للبعض، لكنه بالنسبة للمراقبين الحاذقين ليس سوى تتويج منطقي لتراكمات جيوسياسية باتت نواكشوط تُجبر على الانحياز فيها، وإن بلغة “التوازن الحذر”.
موريتانيا، التي لطالما قدمت نفسها كوسيط رمادي بين المغرب والجزائر، لم تعد تستطيع تجاهل واقع أن أراضيها تُستعمل كـ”ممر خلفي” لتحركات عسكرية مشبوهة، بعضها قد يُحسب عليها إن لم تتخذ موقفًا واضحًا. فهل نحن أمام إعلان غير مباشر بانتهاء مرحلة “الحياد”، ودخول نواكشوط نادي الدول التي تُراجع حساباتها الأمنية والسيادية في ظل الفوضى التي تحيط بها؟
الرسالة هنا لا تخلو من أبعاد خطيرة: من جهة، يُفهم القرار كتحذير موجه للبوليساريو، التي بدأت تتحرك وكأن لا جغرافيا تضبطها؛ ومن جهة أخرى، قد يُفهم كصفعة دبلوماسية ناعمة موجهة للجزائر، التي طالما وُصفت شراكتها مع موريتانيا بـ”الاستراتيجية”، فهل ما تزال كذلك؟
الأخطر من ذلك أن هذه التطورات تتزامن مع التصعيد المغربي ضد تحركات البوليساريو، وهو ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت نواكشوط بدأت بالفعل تقترب من الرؤية المغربية للحل، أو على الأقل لم تعد ترى مصلحة في غضّ الطرف عن خروقات تهدد أمنها الداخلي.
نحن أمام لحظة مفصلية: إمّا أن موريتانيا بدأت ترسم حدود سيادتها الفعلية بأحكام الجغرافيا لا المجاملات، أو أن الصحراء الكبرى على أبواب إعادة ترتيب أوراقها على إيقاع الطائرات المسيّرة وخرائط النفوذ الجديدة.
