A place where you need to follow for what happening in world cup

لمن يهمه الأمر،وبعيدا عن التطبيل لزيارة الرئيس الفرنسي ماكرون للمغرب بالتعليقات السطحية

0 21

ادريس قصوري

لمن يهمه الأمر،وبعيدا عن التطبيل لزيارة الرئيس الفرنسي ماكرون للمغرب بالتعليقات السطحية والمتهافتة أو بتسليط الأضواء على حفاوة الاستقبال والاحتفاء،فهذا ثابث في الأدب والصواب المغربي وراسخ في هوية الشخصية المغربية مع الصديق ومع العدو.
فمشكل المغرب مع فرنسا ليس مشكلا مع ماكرون بالذات.إن مشكل المغرب مع فرنسا هو مشكل مع الدولة العميقة الفرنسية وعلى رأسها الاستخبارات الفرنسية التي نازعت المغرب حقوقه في التنمية والتقدم والتطور وفي علاقاته وشراكاته الافريقية كما نازعته سابقا مرجعياته ورموزه . إذ،طلبت من الرئيس ماكرون محاصرة المغرب إفريقيا عبر دعم الجزائر ومعاندة حقوق المغرب في صحرائه لقطع الطريق الافريقي عليه.
كما عملت الاستخبارات الفرنسية على الإنتقام من المخابرات المغربية التي تفوقت عليها غير ما مرة وفي عدة ملفات داخل فرنسا وخارجها سواء تعلق الأمر بالإرهاب أو الهجرة أو المخدرات أو تبييض الأموال أو الاتجار بالبشر وغيرها من الملفات الحارقة.
وقد عملت الاستخبارات الفرنسية-ناكرة جميل المغرب الذي أنقذها غير ما مرة من أودية دماء الارهاب- على النيل من الاستخبارات المغربية في شخص السيد عبد اللطيف الحموشي مدير الأمن الوطني مرتين وفي شخص السيد ياسين المنصوري مدير لادجيت،حتى إنها لم تحترم القواعد الديبلواسية وتهجمت على السفارة المغربية بباريس يوم صفعها ذكاء السيد عبد اللطيف الحموشي صفعة لن تنساها أبدا بوصوله من العاصمة البلجيكية إلى المغرب مباشرة وتركها هي بئيسة تنتظره بباب السفارة المغربية بباريس، بينما كان قد وصل السيد حصاد وزير الداخلية المغربي، آنذاك، وحده إلى باريس.
ولعل مدرسة إيمي بيرنار emis bernard ثعلب الصحراء والسفير بالجزائر حتى قبل أن يعين رسميا بها ووزير الخارجية ورئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسيةDGSE السابق وحقده العميق والدفين على المغرب وحقوقه التاريخية في صحرائه وتواطؤه العلني مع الجزائر ومع كل من يضرب المصالح والمؤسسات والشخصيات المغربية والذي خلق مشاكل كثيرة ومعقدة للمغرب، في فرنسا، لمدة طويلة، وصلت حد الإيحاء بتأليف كتب تبتز ملك المغرب في القضية المعلومة قضية الصحفيين أوما سمي: فرنسا غايت جديدة، تعد خير نموذج لدور رموز الدولة العميقة الفرنسية ولعقيدة الاستخبارات الفرنسية في استعداء المغرب استعداء يتجاوز الرؤساء والحزبيين والانتخابات وفوق حرية التعبير وحقوق الإنسان.
ولقد ذهبت الاستخبارات الفرنسية بعيدا في ضرب سمعة المغرب باتهامه في قضية بيكاسوس وتحريض الرئيس ماكرون على المغرب بدعوى أن المغرب تجسس عليه شخصيا حتى يجعل من الموضوع قضية دولة وكي تنال من رؤوس مسؤولي المخابرات الخارجية المغربية كما حاولت من قبل مع السيد عبد اللطيف الحموشي. وهو التطاول الذي أفاض الكأس حيث نفذ صبر المغرب فوصلت العلاقة المغربية الفرنسية إلى شبه القطيعة.
وقد عملت الاستخبارات الفرنسية على توظيف وتسخير وزراء فرنسيين صغار بلا تجربة والذين تحمسوا لافتراءات الاستخبارات بلا حجة ولا دليل علمي مؤكد،حيث ألبوا على المغرب مؤسسات أوروبية كان يفترض فيها أنها مستقلةو بالغة وراشدة وناضجة،كما اتهمت المغرب بدفع رشاوى لبرلمانيين أو روبيين وتمادت في غيها بتوجيه أبواق الإعلام الفرنسي ضد المغاربة والرموز المغربية.فجعلت هذا الإعلام يفقد ما تبقى له من مصداقية ومن رصيد الجمهورية الخامسة على استعداء مجاني وكذبة/كذبات واضحة بلا أساس ورهان خاسر بلا مصداقية.
لكن وبعد تعنت رئاسي فرنسي شديد لمدة لا يستهان بها، تبين للرئيس الفرنسي، أمام صمود المغرب، ودفاعه المستميت على حقوقه التاريخية في صحرائه، وعلى حقه في اختيار شركائه حسب مصالحه الاقتصادية الخاصة والخالصة وعلى استمراره في تطوير شراكاته الافريقية والأوروبية والعالمية المتنوعة، أن فرنسا هي الخاسر الأكبر مع كل يوم يمر على استعدائها للمغرب خاصة أمام تحولات جيل جديد من القادة الأفارقة الذين تدمروا من استمرار تعيش فرنسا على الخيرات الافريقية.حيث، انطلقت الموجة الأولى من طرد فرنسا من إفريقيا.وهي الموجة التي التقطها الرئيس بوتين وفتح لها الباب بشركات روسية استراتيجية تعجل بطرد فرنسا من إفريقيا.
وأمام المشاكل الكثيرة والمتنوعة التي باتت تتخبط فيها الجزائر مع جيرانها المغاربيين والأفارقة ومع الأزواد ،تأكد لفرنسا أنها راهنت على حصان خاسر تطوقه مشاكل إفريقيا وخسر كل شعاراته الفارغة حتى أصبح بلا سمعة ولا هبة،عداءاته أكثر من صداقاته، وخسائره أكبر بكثير من أرباحه، فضلا عن أوضاعه الداخلية المتفجرة وغير المطمئنة.
ومع فتح المغرب للمبادرة الأطلسية لصالخ الأشقاء الأفارقة، اتضح للإستخبارات الفرنسية أن المغرب صعب الترويض والتحكيم والتبخيس مثل الآخرين وأنه يمتلك أكثر من ورقة استراتيجية رابحة ومربحة ويصعب تشديد الخناق عليه أو سلبه المبادرة الافريقية.فالجيل الجديد من القادة الأفارقة يثق في المغرب وفي شراكاته المنتجة والمفيدة للجميع.وأن باب إفريقيا أصبح مفتوحا أمام المغرب في كل المجالات بلا قيود وبلا تحفظ وأن الطوق يضرب من كل الجهات وفي كل المجالات على الثعلب الجزائري الخاسر مثله مثل فرنسا.فكيف للجزائر أن تكون منقذا لفرنسا من ورطتها وتراجعها الافريقية.
وأمام تكتل كل مشاكل عدم بقاء فرنسا في إفريقيا وتراكم تحديات استمرارها فيها مع تدخل فاعلين آخرين ولاعبين كبار مثل روسيا وأمريكا والصين بافريقيا لم يبق لفرنسا سوى العودة السريعة للاستنجاد بالمغرب “صديقها” التاريخي والموثوق فيه والذي أصبح مطلوبا إفريقيا عساها تعتمد عليه في إطالة بقائها بإفريقيا حتى لو كان ذلك بالشروط الافريقية هذه المرة ومن أجل الحفاظ على نصيبها بإفريقيا في ظل عدم قدرتها على تغطية الأحداث الافريقية وحدها وعلى عدم القدرة على مسايرة تعقد المشاكل بها في ارتفاع مطرد للتكلفة المادية والبشرية والعسكرية.
ولهذا، لابد للمغرب من حسم مدى ثقته في فرنسا والخروج من دائرة الشك إلى اليقين.فالشك مرتبط بتجديد علاقات مغربية-فرنسية من بوابة الرئيس الذي لن يظل رئيسا إلى ما لا نهاية ولا ندري من يأتي بعده من يمين أو يسار رغم أن كلا منهما لن يكون في رمزية الصورة السلبية المدونة مغربيا عن الرئيس ماكرون. أما اليقين،فمرتبط نسبيا وأولا وأساسا بموقف وموقع الدولة العميقة الفرنسية واستخباراتها لأنها هي التي تحرك الخيوط وتنسج المكايد كما تفرش الورود. بحيث،تظل إشارة استقبال الرئيس ماكرون لأفراد العائلة الملكية بالايليزي وإشارة توشيح السيد عبد اللطيف الحموشي بفرنسا مؤخرا ردا للاعتبار الذاتي في إطار ترتيبات زيارة ماكرون لمحو أثر الإساءة السابقة كما تأتي عمليات نشر خارطة المغرب كاملة وتغيير اللهجة والرأي الإعلاميين تجاه المغرب وقضاياه ومحاسبة البعض ممن يصطادون في الماء العاكر بين البلدين وخاصة إعلاميي بعض المواقع ومع بعض التعيينات الوزارية وبعض التصريحات والزيارات للمغرب أو للصحراء،تظل كلها قاصرة وغير مطمئنة بنفس درجة الإساءة الفرنسية للمغرب وحقوقه التاريخية ورموزه.ذلك،أن هذه الصورة الجديدة لن ترقى لمستوى تغيير الحقد الفرنسي على المغرب وبناء علاقات جديدة متوازنه تقوم على رد الإعتبار ورد الحقوق لأصحابها وعلى الإحترام المتبادل. ففرنسا لا تؤمن بالاستقلال المغربي وتريده صوريا مثل الجزائر ولا تؤمن بالندية ولا بحقوق الشعوب الافريقية في بناء شخصيتها المستقلة.
بيد،إن النموذج الإسباني مختلف كليا عن فرنسا ولا مجال للقياس عليه.فإسبانيا سبق لها أن خرجت من الصحراء ولم تعرقل دخول المغرب لصحرائه.ومواقف امتنان إسبانيا للمغرب كثيرة وتلقائية. ولعل الولايات المتحدة هي الأخرى لا تشبه فرنسا في شيء.فعلاقتها مع المغرب مطبوعة ومشفوعة برمزية تاريخية يعود الفضل فيها للمغرب وتقوم على مؤسسات سياسية وإدارية رئاسية برلمانية وتمثيلية واضحة ومتوازنة ترسخ مواقف وقرارات الدولة وتطبعها بطابع الاستمرارية والديمومة سواء أكان مصدر نشأتها واتخاذها هذا الحزب أو ذاك من الجمهوريين أو الديمقراطيين،فضلا عن نمط استمرار التعاون مع المغرب في قضايا كثيرة تعلوا على الحسابات الضيقة والاعتبارات الشخصية للرؤساء. حيث، لا يفقد التفاوت بين بعضهم البعض ودا للعلاقة الراسخة حتى في الظروف الصعبة. أما الحالة الفرنسية، فظلت شادة عن كل الحقوق والممارسات والعلاقات.
وبناء عليه،فمستقبل العلاقات المغربية الفرنسية رهين بثابث نمط العلاقة التي ستوجه الدولة العميقة الفرنسية واستخباراتها تجاه ومع المغرب.أما العلاقة مع الرئيس ماكرون،فمتغير لا يغير شيئا في العمق السيء. وهو المهيمن وصاحب الكلمة.
فلقد كانت علاقة المغرب مع الرئيسين السابقين:ساركوزي وهولوند جيدة ولم تستمر. ذلك،إن معاناة المغرب مع فرنسا أكبر من معناته مع أية دولة أخرى ليس لكون فرنسا دولة مستعمرة للمغرب أو لأنها أهدت أراضيه للجزائر، وإنما لأن فرنسا تحقد على المغرب باعتباره الدولة الوحيدة من دول الجنوب التي قاومت فرنسا مقاومة حقيقية والقادرة على منافسة فرنسا إقليميا و إفريقيا وإعادة كتابة تاريخ بطولي ووطني حقيقي في اندماج وثيق بين المؤسسات والشعب.
ولهذا، لم تغادر فرنسا المغرب حتى اقتطعت أراضيه منه وهربتها عند جيرانه حتى لا تكون عاملا لنهوظه من جديد وخاصة مناطق النفط بالصحراء الشرقية ومن أجل أن تظل في المتناول الفرنسي دائما وأبدا.فجعلت عليها عصابة جزائرية عسكرية من ضباط فرنسا ومن الحركا الجزائريين وأبنائهم المرتبطين عضويا بالولاء لأمهم فرنسا.
إن المسألة الجوهرية اليوم في صدقية أو لا صدقية وفي استمرا ية أو لا استمرارية العلاقات المغربية-الفرنسية هي قضية الدولة العميقة الفرنسية والاستخبارات الفرنسية وليس الرئيس ماكرون أو حزبه أو سياسته أو مواقفه وتصريحاته اليوم أو مشاريعه بالمغرب أو في نوع احتفاء واحتفال المغرب بماكرون وشكل الاستقبال .فهذه كلها أمور قابلة للاستئناف والنقض والتجاوز ومعرضة للتقويض والنسيان في أي وقت من طرف الفرنسيين خاصة وأن ماكرون جاء للمغرب في إطار مصالح معينة أملتها التحولات الافريقية في الظرفية الأخيرة كما ذهب بالأمس القريب هو وطابوره للجزائر من أجل نقطة غاز.وهو الذي قلب وجهه ضد المغرب بسرعة وبدائرة 360 وأظهر معاندة قوية للمغرب وعمل جاهدا على لي يد المغرب لأكثر من سنتي. حيث، وجه هو وحزبه ووزراؤه ضربات قوية وموجعة للمغرب تحملها هذا الأخير بصبر كبير مؤمنا بعدالة قضيته وبحقه التاريخي في أرضه وبحقه السياسي في اختيار شركائه وبحقه الحضاري في التقدم والتطور في استقلال عن التبعية لفرنسا كحق مشروع في فك ارتباط اليوم عن الأمس مع كونه ظل مؤمنا بشرعية التعاون والشراكة والتكامل مع فرنسا بحكم الجوار كما مع غيرها من الجيران والاصدقاء والحلفاء بحسب ما تمليه عليه عقيدته الدبلوماسية؛ و لذلك،لم يغلق الباب كليا على فرنسا مكتفيا بإشارة تغيير السفير لعل فرنسا ترجع عن غيها.
ولهذا،فالزيارة الفرنسية للمغرب اليوم غير كافية وغير مطمئنة من شريك متعال، متكبر،مغرور، متربص، حقود وغير موثوق.
ادريس قصوري.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.