بقلم: أحلام أخليفي
تعيش ولاية الجهة الشرقية بالمغرب على وقع مرحلة جديدة من التدبير، مع قدوم والي جديد يبدو أنه يحمل مشروعا جادًا يعيد ترتيب الأوراق ويرسخ هيبة الدولة. لكن هذه المهمة لن تكون سهلة في ظل تراكمات الماضي المظلم، خاصة في مدينة وجدة التي تحولت، بسبب سنوات من العبث السياسي وسوء التدبير، من عاصمة للشرق إلى مدينة منهكة تشبه قرية بالكاد تقاوم الفوضى.
إرث عمر حجيرة: ست سنوات من البلوكاج
عاشت وجدة فصلا مظلما في عهد المجلس الذي ترأسه عمر حجيرة، والذي ترك وراءه إرثًا من الجمود والتراجع. لم يكن في الأفق سوى مشاهد من الإهمال والفساد، ليجد المواطن الوجدي نفسه رهينة صراعات سياسوية ضيقة ومصالح شخصية، كانت نتيجتها حرمان المدينة من أي تقدم ملموس على مستوى التأهيل الحضري والبنية التحتية.
مجلس جديد… نفس اللعبة
لكن يبدو أن الماضي لم يرحل كليًا، إذ أن المجلس الحالي استنسخ ذات الوصفة الفاشلة، مع مستشارين أقل ما يُقال عنهم إنهم عاجزون عن مواكبة تطلعات ساكنة المدينة. الصراعات والتجاذبات الداخلية التي تغذيها أطراف معروفة بتحكمها في الخيوط من خلف الستار، تستمر في عرقلة أي محاولة للإصلاح أو دفع عجلة التنمية.
الوالي الجديد… خطوات حاسمة وإشارات صارمة
قدوم الوالي الجديد لم يكن مجرد تغيير إداري عادي، بل حمل معه إشارات واضحة بأن عهد التسيب قد انتهى. أولى الخطوات كانت استعادة الساحات العمومية من “الفراشة”، وترحيل الأسواق العشوائية إلى خارج المدار الحضري، وتنظيم ملف سوق الفلاح الشائك لصالح الورثة. ولكن الإجراء الأهم كان إنشاء مؤسسة لتنفيذ المشاريع، ما يعني تقليص سلطة المجلس الجماعي في هذا الملف الحيوي ووضع حد لمحاولات العبث بالميزانيات الضخمة.
فضيحة الأرض: عندما تتعرى الحقيقة
من بين الملفات التي عرّت الوضع الحالي، قرار الوالي بإعادة النظر في شراء أرض لبناء مجزرة عمومية. صفقة مشبوهة أثارت الكثير من التساؤلات حول قيمتها المالية وأطرافها المستفيدين، لتكون بمثابة رسالة حازمة بأن مرحلة “تحت الطاولة” قد ولت.
وجدة تنتظر صحوة حقيقية
إن مدينة بحجم وجدة تستحق أن تكون واجهة مشرقة للجهة الشرقية وقاطرة تنموية حقيقية. لكن هذا لن يتحقق إلا إذا تخلّصت من عبء أباطرة السياسة الذين لا يهمهم سوى مصالحهم الشخصية. الوالي الجديد قدم دروسًا في الجدية والصرامة، وما على من اعتاد العبث إلا أن يعيد حساباته لأن “ليس كل مرة تسلم الجرة”.