طرابلس –«القدس العربي»: فراغ سياسي تشهده ليبيا يرجعه بعض المراقبين إلى غياب مبعوث أممي ثابت يتولى زمام الأمور ويقود البلاد نحو عملية سياسية شاملة، ورغم تصاعد المطالبات بتعيين مبعوث جديد، فإن مجلس الأمن لم يستجب لها حتى الآن.
ومؤخراً، استعجلت المجموعة الأفريقية في مجلس الأمن الدولي تعيين ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا لتيسير المفاوضات مستقبلًا، وكسر الجمود الحالي الذي يخيم على العملية السياسية.
وحثت مجموعة الجزائر وموزمبيق وسيراليون إلى جانب غيانا من منطقة البحر الكاريبي، كل الأطراف على تقديم الدعم الكامل والمشاركة في جهود الوساطة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وفق ما نشِر عبر الموقع الرسمي لمجلس الأمن الدولي.
ورحبت المجموعة التي تحظى بالعضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الأممي بنيويورك، بالاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف الليبية بشأن حل أزمة المصرف المركزي، مؤكدة أن هذا الإنجاز يؤشر إلى خطوة مهمة نحو الاستقرار في البلاد.
وخلال اجتماع مجلس الأمن المخصص لمناقشة الوضع في ليبيا، الأربعاء الماضي، ألقى نائب المندوب الدائم لموزمبيق لدى الأمم المتحدة، دومنغوس استيفاو فرنانديز، بيان المجموعة الذي أكد أن التنفيذ العملي والفعال والناجح لاتفاقية المصرف المركزي الليبي سيكون أساسيًا من أجل مستقبل البلاد الاقتصادي والسياسي.
ودعت المجموعة جميع المؤسسات ذات الصلة للعمل معاً في هذا المسعى مع التأكيد على ضرورة تعيين مجلس محافظين للمصرف المركزي، وتسريع الترتيبات المالية وإنشاء ميزانية وطنية موحدة، مبرزة دور المصرف في حماية موارد ليبيا وتحديدًا الاحتياطي الكبير من النفط وضمان أن ثروة البلاد تكون لمنفعة كل الليبيين وليس لمصلحة مجموعة أو أفراد بعينهم.
وفي السياق ذاته، رحبت المجموعة ذاتها بالإعلان الصادر أخيرًا عن المؤسسة الوطنية للنفط لرفع حالة القوة القاهرة وعودة إنتاج النفط الخام في ليبيا.
ودعا ممثل موزمبيق كل الأطراف الليبية والمؤسسات إلى ممارسة ضبط النفس والتصدي للإجراءات الأحادية التي من شأنها أن تصعد التوترات وتعمق الانقسام المؤسسي بين الليبيين.
وحثت المجموعة الأطراف الليبية على تيسير حوار ليبي من خلال تصفية المسائل العالقة وتنظيم انتخابات وطنية مع توحيد المؤسسات، مؤكدة أن ذلك خطوة محورية نحو التقدم الوطن.
وقالت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري، الأربعاء، إن الاجراءات الأحادية الجانب تزيد من عمق الأزمة السياسة في ليبيا وتفضي نتائجها إلى عدم الاستقرار، وأضافت أن تسوية أزمة المصرف المركزي أخيرًا أعطت بارقة أمل في إمكانية تحقيق تقدم في الجهود المبذولة لتنظيم الانتخابات، واستعادة الاستقرار في البلاد.
وفي أيلول/سبتمبر الماضي، أعرب أعضاء مجموعة السبع عن دعمهم لجهود القائمة بأعمال المبعوث الأممي ستيفاني خوري لدعم استقرار ليبيا، ودعوا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تعيين مبعوث أممي خاص جديد دون تأخير.
وحسب بيان صادر في ختام اجتماع في أعقاب قمة المستقبل في نيويورك، أكد وزراء خارجية مجموعة السبع ضرورة إعادة إطلاق العملية السياسية التي يقودها الليبيون ويملكها الليبيون والتي تيسرها الأمم المتحدة من أجل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة. وتضم مجموعة الدول السبع كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، كما شارك في الاجتماع الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، وتولت خوري مهام المبعوث الأممي، الذي قدم استقالته في منتصف نيسان/أبريل الماضي. ومنذ ذلك الحين، تجري خوري مباحثات مع الأطراف السياسية في ليبيا.
استقالة باتيلي جاءت على خلفية تعثر مبادرته لجمع الأطراف الرئيسية الخمسة (المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية الموقتة ومجلس النواب وقيادة حفتر ومجلس الدولة) على طاولة مفاوضات تستهدف حل الإشكالات التي حالت دون إجراء الانتخابات في العام 2021.
ومنذ وقت مبكر، وتحديداً في أيار/مايو الماضي، دعا مجلس الأمن الدولي إلى تعيين مبعوث أممي جديد، خلفًا للسنغالي عبد الله باتيلي، وذلك في أقرب وقت ممكن، مؤكداً في بيان استمرار دعمه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وقيادتها.
وتجددت الدعوة إلى تعيين مبعوث أممي من قبل موسكو، حين دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، منتصف هذا الشهر، إلى تعيين خليفة لباتيلي في أسرع وقت ممكن، وذلك في تصريحات خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في العاصمة الروسية موسكو.
ويرى خبراء أن المبعوث الأممي المقبل في ليبيا لن ينجح في حل الأزمة السياسية المطولة التي تشهدها البلاد، مضيفاً أن استقالة المبعوث السنغالي تكشف كيف أصبح منصب المبعوث الأممي خالياً من أي آفاق حقيقية.
ويوضح الخبراء والسياسيون بأنه وبغض النظر عن هوية المبعوث الجديد الذي سيستبدل باتيلي، فإنه لن يكون قادراً على حل المأزق السياسي المطول في ليبيا ما دام قادة الفصائل المتنافسة غير راغبين في الانخراط بفعالية مع المبادرات الأممية.
ويعتبر محللون أنه على الأرجح لن يتغير الوضع السياسي بليبيا في أي وقت قريب، وأن التساؤل الملح حالياً هو: كيف وما إذا كانت الأمم المتحدة تنوي تعيين مبعوث جديد لها في ليبيا؟