زِينُ التعايُش والإعتِدال و شِينُ العُنف و الإِقتِتَال

ذ_سعيد_لمخنتر_الحمداوي_الإدريسي
جريدةالنهضةالدولية_ مقالات الرأي_

 

التسامُح ضرورة حياتية تٓبقٓ الحاجة إليها قائمة ما دام هناك إنسان يمارس العنف والإقصاء والتكفير ، فالتسامح أو التعايش بمعنى أكثر شمولية ضروري لامتصاص تداعيات الاحتكاك بين القوميات والثّقافات والأديان، والخروج بها من دائرة المواجهة إلى مستوى التعايش والانسجام والتنسيق للعيش المشترك بعيدا عن المواجهة والكراهية و البغضاء .

و في وضع دقيق و معقد من تاريخ الإنسانية اليوم من وجب تطويع الصراع المحتدم بين القوميّات والأديان والمذاهب .

إن توطيد العلاقة بين الطوائف والقوميات في مستوى متقدم يسبقه تعايش سلمي يتفادى الاحتكاك على خطوط التماس و هذا أمر صعب، يحتاج إلى مرونة و وقت طويل يخفّف الإنسان خلاله من حِدّة غلوّه وتطرفه من خلال العودة المتأنّية للذات من أجل نقدها و تقويمها و تمحيص تمظهراتها الفكرية والعقيدية ، وتأهيلها لتكون أرضية صالحة لاستنبات قيم القبول بالآخر .

هذا و لا بدّ من التأكيد أنّه لم يبق أمام الشعوب الإسلامية خيار للحدّ من ثقافة الموت والاحتراب والعداء والإقصاء المتفشية في كل مكان سوى قيم التسامح وذلك لنزع فتيل التوتر وتحويل نقاط الخلاف لضيق حويصلة القبول بالإختلاف إلى مساحة الحوار الرحبة والتفاهم البنّاء بدل الاقتتال والتناحر ، و هذا يستدعي جهودا يتظافر فيها الخطاب الإعلامي مع الخطاب الثقافي والديني والسياسي والتربوي، ويتطلب تعاون الفرد مع المجتمع، والشعب مع القانون، والدولة مع الدستور. إنّه عمل جذري يستهدف البنى الفكرية والعقيدية للمجتمع، وإعادة صياغة العقل والأولويات والوعي، وتقديم فهم عصري للدين و لرسالة السلام الخالدة.

إن تأمل واقع الأمة و ما نشاهده اليوم من مظاهر عنف واحتراب يستدعي العودة إلى الذات لمراجعتها، ثم الارتكاز إلى قيم جديدة تستبعد الكراهية والحقد، وتنفتح على قيم الإنسانية الشمولية المحترمة للحق في الوجود و الحق في الحياة والوجود بسلام بعيدا عن ثقافة الموت والاستهانة بالحياة وتكفير المجتمع لنصل إلى حد معقول من تجنب العدوانية اتجاه الآخر سواء دينيا أو سياسيا أو رياضيا إلى غير ذلك.

إن مشروعية الحديث عن التسامح ومنابع اللاّتسامح، تجعلنا ملزمين بسبر دلالات التسامح ؛ فبخصوص الدلالة اللغوية لمفهوم التسامح نجدها تدور في فلك المِنّة والكرم، و تساير ما يعرف بالفكر الأولمبي القائم على سمو الأخلاق .
:
لقد كان العنف سائدا داخل المجتمعات غير المتحضّرة التي ترفض الاحتكام للقانون أو الأعراف، وبالتالي يبقى العنف السبيل لإبراز الذات وهذا ما يفسر لجوء الإنسان البدائي للقوة والعنف دفاعا عن النفس بسبب الأخطار المحدقة به، ولمّا ظهر التنافس بين المجموعة البشرية الواحدة واحتدم الصراع على المراعي والحقول لجأ الإنسان إلى العنف للدفاع عن حياته وعائلته وممتلكاته وإذا لم تعمّ ثقافة التسامح اليوم ربما سيعود الصراع والعصبية وهو شيئ يضر قيمة البلدان لأن الإستثمار اليوم يسير مع مؤشر الإستقرار و الأمان وبذلك يكون مفهوم التسامح بمعناه السلمي المُحيل على الأمن و الأمان مسؤولية تاريخية يتصدى لها جميع أبناء الوطن من أجل الوطن و وحدته وسلامته وأمنه ومستقبله.

Comments (0)
Add Comment