بقلم: أحلام أخليفي
في خطوة مثيرة للجدل، زار وفد إسباني من مقاطعة أستورياس مخيمات تندوف، حيث التقى بقيادات جبهة البوليساريو الانفصالية وعلى رأسهم زعيمها إبراهيم غالي. الزيارة، التي نقلت تفاصيلها مواقع محسوبة على الجبهة، جاءت في سياق سياسي متوتر تشهده العلاقات المغربية-الإسبانية-الجزائرية.
خلال اللقاء، أطلع غالي الوفد الإسباني على آخر مستجدات ملف الصحراء المغربية من منظور الجبهة الانفصالية، معبّراً عن امتنانه للمواقف التي ما زالت بعض الأطراف الإسبانية تتبناها لدعم البوليساريو، رغم الموقف الرسمي لحكومة مدريد الداعم لسيادة المغرب على الصحراء.
زعيم الجبهة لم يخفِ امتعاضه من استمرار رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في تجاهل مطالب الجبهة، مُبرزاً أنه يواجه منذ سنتين انتقادات حادة من المعارضة الإسبانية بسبب موقفه المؤيد لمقترح الحكم الذاتي المغربي. موقف سانشيز، رغم جرأته، أحدث تصدعات سياسية داخلية في إسبانيا، كما أشعل أزمة دبلوماسية مع الجزائر، التي سارعت في 2022 إلى سحب سفيرها من مدريد ووقف العلاقات التجارية معها.
غير أن حكومة سانشيز تمسكت بموقفها، مؤكدة دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل واقعي ودائم للنزاع. وفي المقابل، لم تتمكن الجزائر من إجبار مدريد على التراجع، رغم اتخاذها خطوات تصعيدية. ومع ذلك، عادت الجزائر في نوفمبر الماضي لتعيين سفير جديد في مدريد، واستأنفت مؤخراً علاقاتها التجارية مع إسبانيا، في محاولة واضحة للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية مع مدريد.
نجاح سانشيز في المناورة بين المغرب والجزائر يعكس براعة دبلوماسية قلّ نظيرها. فمن جهة، حافظت حكومته على دعمها الصريح للمغرب، وهو ما عزز علاقات مدريد بالرباط في إطار رؤية استراتيجية. ومن جهة أخرى، أعادت الجزائر إلى طاولة المصالح المشتركة، دون أن تُقدّم أي تنازل بشأن ملف الصحراء المغربية.
في ظل هذا المشهد، يبدو أن إسبانيا تلعب على حبلين، مستفيدة من التوازنات الدولية لتحقيق مصالحها دون الإخلال بتعهداتها. لكن يبقى السؤال: إلى أي مدى يمكنها الاستمرار في هذا النهج دون الوقوع في مأزق سياسي جديد؟