بقلم: مراد مزراني
غابة الحوزية، التي لطالما كانت المتنفس الطبيعي لمدينة الجديدة، تواجه اليوم خطرًا وجوديًا يهدد بطمس ملامحها الخضراء. الأشجار التي كانت تظلل زوارها، وتمنح الحياة للنظام البيئي المحيط، أصبحت جثثًا هامدة، تروي قصة إهمال طويل وتدمير ممنهج. المشهد العام يوحي بأن الغابة تحتضر بصمت، وسط تساؤلات حارقة عن المتسبب في هذه الكارثة البيئية.
المتجول بين أشجار الحوزية سيلاحظ فورًا علامات المرض الذي أصابها: أوراق صفراء متساقطة، جذوع متيبسة، وأرض فقدت خصوبتها. هل هو فعل الطبيعة؟ أم أن يد الإنسان كانت أسرع في الإجهاز على هذه الرئة البيئية؟ بعض التقديرات تشير إلى تلوث بيئي ناتج عن تسرب مواد سامة، فيما تذهب آراء أخرى إلى أن القطع الجائر والاستغلال العشوائي للموارد الغابية ساهما بشكل مباشر في هذا التدهور.
في الأشهر الأخيرة، تعالت أصوات الجمعيات البيئية والحقوقية مطالبة بفتح تحقيق عاجل لتحديد المسؤوليات. البعض يتحدث عن تقصير السلطات في حماية الغابة، بينما يطالب آخرون بمحاسبة أي جهات قد تكون متورطة في إعدام هذا الفضاء الطبيعي. فهل ستتحرك الجهات المعنية لإنقاذ ما تبقى؟ أم أن غابة الحوزية ستنضم إلى قائمة المساحات الخضراء المنقرضة؟
المطلوب اليوم ليس مجرد استنكار، بل إجراءات ملموسة تعيد الحياة لهذه الغابة. إعادة التشجير، تشديد المراقبة، ووضع سياسات بيئية صارمة يجب أن تكون في صلب أي تحرك مستقبلي. كما أن المجتمع المحلي مطالب بأن يكون شريكًا في حماية هذا الإرث الطبيعي، لأن فقدان الحوزية يعني خسارة لا تعوض للأجيال القادمة.
غابة الحوزية تلفظ أنفاسها الأخيرة، وبين نداءات الاستغاثة وصمت المسؤولين، يبقى السؤال معلقًا: هل لا يزال هناك أمل في إنقاذها، أم أننا نشهد الفصل الأخير من حكاية رئة الجديدة؟