متابعة:مراد مزراني
في قلب إقليم الجديدة، تبرز جماعة أولاد غانم كإحدى القلاع الفلاحية التي ساهمت بفاعلية في إمداد الأسواق المغربية بالخيرات الزراعية، خاصة خلال السنوات العجاف، حيث شكلت رئة اقتصادية نابضة ساهمت في تعزيز الأمن الغذائي الوطني. وعلى امتداد عقود، لم تكن هذه الأرض مجرد سلة غذاء للمملكة، بل كانت نموذجًا حيًا للصمود والعمل الجماعي المنظم، حيث تضافرت جهود الفلاحين والسلطات المحلية لتحقيق نهضة زراعية متكاملة.
لم يكن النجاح الذي عرفته أولاد غانم وليد الصدفة، بل جاء نتيجة عمل جاد وتفانٍ استثنائي من طرف الفلاحين والجمعيات والتعاونيات المحلية، الذين أخلصوا لهذه الأرض، فزرعوها بالكدح والأمل، وحولوها إلى مورد استراتيجي يغذي الأسواق المغربية بمختلف المنتجات الفلاحية. إلى جانب هذا المجهود الجماعي، لعبت السلطات المحلية والمجلس الجماعي دورًا أساسيًا في دعم القطاع الفلاحي، من خلال توفير البنية التحتية الملائمة والتنسيق المستمر بين مختلف الفاعلين لضمان استدامة الإنتاج.
لكن هذا النجاح لم يكن ليترسخ دون توفير بيئة آمنة ومستقرة، إذ كانت المنطقة تعاني سابقًا من انتشار الجريمة، خاصة نشاط أباطرة المخدرات، الذين استغلوا هشاشة بعض الفئات لفرض أنشطتهم غير المشروعة، ما أثر سلبًا على اليد العاملة وأعاق عجلة التنمية. هنا، برز الدور الحاسم لجهاز الدرك الملكي التابع للمنطقة، حيث قاد حملات أمنية صارمة لاجتثاث بؤر الجريمة ومطاردة تجار المخدرات، مما أدى إلى تفكيك شبكاتهم وإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة.
بفضل هذه الجهود، تحررت اليد العاملة التي كانت مستغلة في الأنشطة غير القانونية، وعادت تدريجيًا إلى قطاع الفلاحة والإنتاج، مما عزز مناخ التنمية وجعل المنطقة نموذجًا يُحتذى به في التوازن بين الأمن والاستقرار الاقتصادي. ما تحقق في أولاد غانم ليس مجرد إنجاز عابر، بل هو نموذج يُجسد كيف يمكن للتعاون بين الفاعلين المحليين والأجهزة الأمنية تحقيق نهضة متكاملة. فحين يقترن الأمن بالتخطيط السليم والإرادة الصادقة، تتحول المناطق الريفية إلى واحات تنموية تستفيد من خيراتها وتؤمن مستقبلها بنفسها.
واليوم، تظل هذه الجماعة شاهدًا على أن الأمن هو أساس التنمية، وأن الدرك الملكي حين يكون يقظًا وفاعلًا، فإنه لا يحمي فقط الأفراد، بل يساهم في ازدهار الاقتصاد وضمان استدامة العيش الكريم.