التعليق القانوني على واقعة الاعتداء على قائد المقاطعة بمدينة تمارة

بقلم ماءالعينين الداودي.

شهدت مدينة تمارة واقعة اعتداء على قائد المقاطعة أثناء تأديته لمهامه، وهو سلوك يشكل خرقًا واضحًا للقوانين المنظمة لحماية الموظفين العموميين خلال مزاولتهم لعملهم. من الناحية القانونية، فإن مثل هذا الفعل يندرج ضمن جريمة إهانة موظف عمومي أثناء مزاولة مهامه، والتي يُعاقب عليها وفقًا لمقتضيات مجموعة القانون الجنائي المغربي، نظرًا لما تمثله من انتهاك لهيبة الإدارة وعرقلة لسير المرافق العامة.

التكييف القانوني للجريمة

يُعتبر الاعتداء على موظف عمومي أثناء أدائه لمهامه فعلًا مُجرّمًا بموجب الفصل 263 من مجموعة القانون الجنائي، والذي ينص صراحة على معاقبة كل من أهان موظفًا عموميًا أو أحد رجال القوة العامة أثناء قيامه بعمله أو بمناسبته، سواء بالقول أو الإشارة أو التهديد. وتشتد جسامة الفعل في حال اقترن الاعتداء بالعنف الجسدي، مما يجعل الجريمة تتجاوز مجرد الإهانة لتُصبح اعتداءً جسديًا يعاقب عليه الفصل 267 من نفس القانون، حيث يُقرر الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين لكل من أقدم على ضرب أو جرح أو ممارسة العنف في حق موظف عمومي أثناء مزاولته لمهامه.

وفي حال ثبوت أن الاعتداء تم بسبق الإصرار أو الترصد، أو أن الفاعلة كانت ضمن مجموعة تتكون من أكثر من شخصين، فإن العقوبة تُشدد وفقًا للقانون، وقد تصل إلى خمس سنوات حبسًا في الحالات التي ينص عليها الفصل 267 مكرر. هذا التشديد ينبع من خطورة هذه الأفعال على النظام العام، إذ أنها لا تمس فقط الشخص المعتدى عليه، بل تؤثر على هيبة الدولة ومؤسساتها.

أثر الفعل على النظام العام ومسؤولية النيابة العامة

مثل هذه الاعتداءات لا تشكل فقط تهديدًا مباشراً للموظفين العموميين، بل تُضعف أيضًا ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، مما قد يؤدي إلى تفشي ثقافة عدم احترام السلطة الإدارية. لهذا السبب، تتحرك النيابة العامة تلقائيًا في مثل هذه القضايا، دون الحاجة إلى تقديم شكاية، وذلك باعتبار أن حماية الموظف العمومي أثناء أداء عمله تمثل مصلحة عامة تهم المجتمع بأكمله.

وقد جرت العادة أن تتعامل المحاكم بصرامة مع مثل هذه الأفعال، حيث يُنظر إليها باعتبارها اعتداءً على هيبة السلطة العامة وخرقًا واضحًا لمبدأ احترام القانون. وإذا ما ثبتت التهم الموجهة إلى الفاعلة، فإنها قد تواجه عقوبات رادعة، خاصة إذا ما أخذت المحكمة بعين الاعتبار الظروف المحيطة بالواقعة، مثل توفر نية مبيتة للاعتداء أو وجود دوافع لإهانة السلطة.

خلاصة

ما أقدمت عليه المعتدية يشكل جريمة قانونية مكتملة الأركان تستوجب متابعة قضائية حازمة، نظرًا لما فيها من إهانة للموظف العمومي، وتهديد لسير المرافق العامة، والمس بهيبة الدولة. ومع تدخل النيابة العامة، فإن هذه القضية ستكون محل متابعة دقيقة، ومن المتوقع أن يتم إنزال العقوبات المناسبة لضمان عدم تكرار مثل هذه الأفعال مستقبلاً، وتأمين احترام القانون وهيبة مؤسسات الدولة.

Comments (0)
Add Comment