نيني يا مومو) عرض مسرحي من إخراج عبد العزيز أوشنوك انتصار لقضية لازالت على الخشبة

هيئة التحرير.

كتابة عبدالمجيد ادهابي

مسرحية ” نيني يا مومو ” تشخيص الفنانة نادية المسناوي، النص من تأليف الكاتب عبد الحق الصقلي وإخراج الفنان عبد العزيز أوشنوك.
مسرحية تابعها جمهور عريض بقاعدة دار الثقافة الداوديات بالقاعة الصغرى، لكن رغم صغر القاعة فقد توسعت أحداث المسرحية لتنقل المتلقي من عالم ضيق إلى عالم تتجاذبه أحداث تجمع بين حلم والأمل، صرخة القبول وصرخة الرفض إذ تمثل صرخة الطفل تلك الصرخة المكبوتة في أعماق شامة.   
مسرحية نيني يا مومو تتكون من كلمتين نيني / مومو وكل كلمة تحمل دلالات ومعان، حيث يعتبر عنوان المسرحية مدخلا مبدئيا عميقا لفهم دلالات العمل المسرحي، (نيني) حيث تأخذنا هذه الكلمة من المعني المعجمي والذي يدل على النوم في الدارج عندنا، إلى معنى تضميني وهو الاستسلام والخضوع، في حين الكلمة الثانية ( مومو) حيث ينتقل المعنى من حيزه اللفظي و المعجمي ( الطفل) إلى حيزه التضميني والمقصود منه ( الضعف)، وفي فهمنا لكيفية ترابط الألفاظ ( الكلمات هنا نيني / مومو ) بالمعنى في سياقات متعددة أهمها العلاقة السياقية (Contextual Relation) حيث تأخذ الكلمة الواحدة عدة معاني متعددة حسب السياق في الجملة والمراد من وراء توظيفه، وهذا ما نجده عندما استعمل الكاتب هاتين الكلمتين في سياق لغوي يحفز على تبني مجموعة من الأفكار التي أجدها مدخلا مهما في قراءة النص المسرحي / العرض المسرحي.
ومن أهم اللحظات التي استأثرت بانتباه الحاضرين هو الرجوع في كل مرة إلى الطفل من خلال صرخته التي تتكرر كلما تأزمت فيها اللغة الدرامية (لغة وحركة)، فتجد شامة / نادية المسناوي العودة إلى حضن الصرخة التي تمثل لها تلك البداية المؤلمة التي حولت حياتها إلى جحيم تتأرجح بين الرفض والقبول والرضا والخضوع، الصرخة دعوة للعودة نكوصا نحو أمل ربما يستحيل في عالم شامة المليء بالمطبات والهزائم.
يمكن القول إن المخرج عبد العزيز أوشنوك استطاع من خلال اختياره القسوة في اللعب تارة والكوميديا تارة أخرى أن يستدرج المتلقي دون إحراج نحو مهزلة الحياة وتفاهتها وكيف استطاع أن يوظف التقنية الفيلمية حتى يعطي إحساسا بالتدخل الجمعي في حياة شامة / نادية المسناوي وتحريرها من الغربة داخل العرض المسرحي، هذا التحرير هو تعاطف الكاتب والمخرج مع قضية شامة بنت طامو الدربوكة وعباس الكنبري وتحرير شخصيات ظلت جامدة في النص المسرحي باعتباره نصا مونودراميا (نص الممثل الوحيد).     
مسرحية نيني يا مومي هي حقيقة صرخة ضد كل أنواع الاستغلال بسب الحاجة الفقر، الجهل، الأحلام والطمع، مسرحية نيني يا مومو نبش في ذاكرة التربية التقليدية وجرح للموروث الثقافي الموغل في الشعبية والنظرة الحقيرة للمرأة واعتبارها سلعة في أكثر الأوقات، المسرحية مرآة تفضح كل التصورات الذكورية والتي تكون في غاب الأمر المرأة ضحيتها.
وللنص حمولات متعددة كقضايا الاستغلال والنفوذ والاستسلام والاستسهال، إذ تمكن المخرج من توليد طاقة قوية من خلال اللعب الجيد للفنانة نادية المسناوي التي استطاعت بذكاء أن تجعل المتلقي أن يتفاعل معها وتبني قضاياها وجعل الرجل/ المتفرج ينظر إلى صورته على الركح دون خجل ولا ربما عاتب نفسه دون أن يدري وهو يصفق انتصارا لقضية لم تفك رموزها على الخشبة، بل تبقى نهاية مفتوحة وكل واحد يمكن أن يضع النهاية التي تجعله يغير من وضع شامة / نادية المسناوي.
في النهاية يمكن القول إن العودة بالجمهور إلى أحضان (مسرح الممثل الوحيد) هو نجاح شارك فيها كل من الكاتب الأستاذ عبد الحق الصقلي من خلال نص محبوك لغويا و بناء، و المخرج عبد العزيز أوشنوك عندما تمكن من خلق فرجة تجمع ببين النقيضين ( الرقص / البكاء، الزواج/ الاغتصاب، العرس/ الموت) و الفنانة نادية المسناوي عندما نجحت في لعب دور شامة حيث كانت مقنعة من خلال أدائها المتميز.
ورقة تقنية
فرقة السلام المسرحي مراكش
مسرحية: نيني يا مومو
تشخيص: نادية المسناوي
تأليف: عبد الحق الصقلي
إخراج: عبد العزيز أوشنوك
إدارة الفرقة ومساعدة المخرج، وإدارة الممثل: رشيد بيديد
السينوغرافيا والملابس مع الإكسسوار: مبارك المحمودي
الإضاءة: أنس فتح
ماكياج: فراح أبو الصواب
الغناء: نزهة الجعيدي
تركيب مقاطع الفيديو: ياسين تابعي

Comments (0)
Add Comment