بقلم: [ المراسل ادريس فقيري ]
في السنوات الأخيرة، شهدت الأسواق العربية غزواً كبيراً من منتجات المكملات الغذائية والأعشاب الطبيعية القادمة من ماليزيا، الصين، وحتى من دول أوروبية وأمريكية. هذه المنتجات، التي غالباً ما يتم تسويقها تحت شعارات “الصحة المثالية” أو “الفرصة الاستثمارية الذهبية”، باتت محط جدل واسع بسبب الأنظمة التسويقية المشبوهة التي تقف وراءها، وعلى رأسها نظام التسويق الهرمي.
تسويق مبني على الطمع لا الحاجة
لا يخفى على أحد أن بعض هذه المنتجات قد تكون مفيدة من الناحية الصحية – مثل الفطر الريشي أو مشروب الكلوروفيل – لكنها غالباً لا تُسوّق بناءً على خصائصها الطبية أو العلمية، بل يتم الترويج لها على أنها “ترياق الحياة” الذي يعالج كل شيء من الإجهاد إلى السرطان، وهو ما يخالف كل المبادئ العلمية والطبية.
لكن الأخطر من ذلك هو أن المنتج يصبح مجرد وسيلة لدخول عالم “الربح السريع”، وليس غاية في حد ذاته. حيث يُطلب من الزبون أن لا يكتفي بشراء المنتج، بل أن يُقنع آخرين بالانضمام إلى المنظومة، مقابل عمولات مغرية.
الثراء على حساب الآخرين
النظام الذي تعتمده هذه الشركات يقوم على مبدأ بسيط: كلما جلبت أشخاصاً جددًا واشتروا المنتجات، تحصل على عمولة. وكلما جلب هؤلاء بدورهم زبائن آخرين، تزداد أرباحك. يبدو الأمر مغرياً في البداية، لكن الحقيقة أن الأغلبية الساحقة من المشاركين لا يربحون شيئاً، بل يخسرون أموالهم، بينما يربح من هم في قمة الهرم فقط.
المنتجات تُباع بأثمان خيالية لا تعكس قيمتها الحقيقية، لكن تغليفها بشعارات الصحة والفرص الاستثمارية يجعل من الصعب على كثيرين تمييز الخدعة.
شركات بلا رقابة
العديد من هذه الشركات تعمل عبر الإنترنت، وتستغل ثغرات قانونية في الدول العربية التي لا تفرض رقابة صارمة على التسويق الهرمي أو لا تميّز بوضوح بينه وبين التسويق الشبكي.
وبينما تدّعي هذه الشركات الشرعية، فإن نماذج أعمالها تقوم على استغلال الطموح البشري للثراء، مستغلة ضعف الوعي لدى كثير من الشباب الباحثين عن مصدر دخل، خاصة في ظل البطالة وغلاء المعيشة.
الحاجة إلى الوعي والمحاسبة
ما نحتاجه اليوم ليس فقط حملات توعوية حول مخاطر هذه الشركات، بل قوانين واضحة تميز بين التسويق المشروع والنصب المقنّع. كما يجب فرض رقابة صارمة على المنتجات التي يتم تسويقها تحت غطاء “مكملات غذائية”، وضمان ألا تكون أداة احتيال على الناس.
في النهاية، ليست المشكلة في المكملات نفسها، بل في الطريقة التي يتم بها ترويجها. فحين تتحول الصحة إلى سلعة، ويُباع الأمل بثمن باهظ، نصبح جميعاً ضحايا لوهم كبير اسمه “الثراء السريع”.