بعد شهر من نداء الاتحاد الأوروبي بتخزين الطعام والدواء تحسبا للطوارئ.. إسبانيا والبرتغال تعيشان أسوأ أزمة
عبد الغني جبران
لم يمضِ سوى شهر واحد على دعوة مفوضية الاتحاد الأوروبي شعوب الدول الأعضاء إلى ضرورة تخزين الطعام والدواء للاستهلاك لمدة لا تقل عن 72 ساعة تحسبا لوقوع طارئ قد يعطل الحياة العامة، حتى تعرضت دولتان عضوتان في الاتحاد، هما إسبانيا والبرتغال، لأزمة غير مسبوقة جراء انقطاع مفاجئ في التيار الكهربائي. ويذهب رأي إلى أن الأمر يتعلق بهجوم سيبراني، ورأي آخر ينسب ما حدث إلى خلل في الإشراف على الشبكة الكهربائية.
في هذا الصدد، انقطع الكهرباء في كل من إسبانيا والبرتغال وجزء من جنوب فرنسا بعد مرور منتصف نهار الاثنين من الأسبوع الجاري، مما تسبب في أزمة كبيرة قامت بتعطيل مختلف المرافق والقطاعات، وتسببت في أزمة حقيقية بشأن تنقل المواطنين وشراء الحاجيات بحكم استعمال الغالبية للبطائق البنكية أو الهاتف.
وتجاوز الواقع، كما يؤكد المواطنون في إسبانيا على شبكات التواصل الاجتماعي، الأيام الأولى لجائحة كوفيد 19، بل أن الخيال العلمي أصبح واقعا في البلاد بعدما توقف تقريبا كل شيء. وكتبت جريدة الباييس في افتتاحيتها اليوم: “لا أحد كان ينتظر مشاهد مماثلة في دولة أوروبية مثل إسبانيا”.
واستعادت وسائل الإعلام أمثلة شهيرة لانقطاع التيار الكهرباء كما وقع في الشمال الشرقي للولايات المتحدة سنة 2003، وخلف عشرات القتلى بسبب توقف بعض العمليات الجراحية وحوادث سير بسبب تعطل شبكة إشارات المرور.
وتجاوزت إسبانيا والبرتغال اليوم الثلاثاء أزمة انقطاع الكهرباء بعد إعادة تشغيل الشبكة الكهربائية، وبدأ البحث عن الأجوبة هل يتعلق الأمر بهجوم سيبراني أم عطب تقني؟
وأوضحت البرتغال أن العمل الذي أصاب شبكتها مصدره إسبانيا، وبالتالي أصبحت مدريد هي المسؤولة عن تقديم تفسيرات. ويبدو أن شركة الكهرباء “ريد إلكتريكا” قد حسمت مؤقتا الجدل بعدما أشارت إلى أن السبب الرئيسي هو انخفاض توليد الطاقة الشمسية كسبب أولي لانقطاع التيار الكهربائي.
ويظهر هذا الحادث، كما أشار إليه العديد من المحللين، مدى هشاشة الحياة اليومية في ظل الاعتماد الكبير على الكهرباء والإنترنت. إذ أصبح انقطاع أي من هذين الموردين كفيلا بشل جوانب متعددة من الحياة، من الاتصالات إلى المعاملات المالية بما في ذلك الخدمات الصحية. لكن اللافت في هذا السياق، هو أن هذا الحادث وقع بعد نحو شهر فقط من دعوة الاتحاد الأوروبي لمواطنيه إلى تخزين كميات كافية من الطعام والدواء تكفي لمدة 72 ساعة. وهي دعوة فُهمت في حينها على أنها إجراء احترازي في مواجهة أزمات محتملة، لكنها اليوم تبدو أكثر واقعية وضرورية في ظل هشاشة البنية التحتية أمام أعطال أو هجمات سيبرانية مفاجئة.