هيئة التحرير
في زمن أصبحت فيه السياسة مدخلاً للامتيازات الشخصية ومجالاً لتبادل المصالح، يبرز اسم المهندس خليل برزوق كحالة استثنائية في المشهد الجماعي لمدينة الجديدة. ثلاثون سنة من الحضور الفاعل داخل مجلس الجماعة، لم يكن فيها الرجل مجرد رقم مكمل للتركيبة، بل صوت معارض شرس، بوجه مكشوف، ومنطق متزن لا يتورط في الحسابات الضيقة ولا يُغريه لمعان الكراسي.
بعين المهندس الحاذقة، ووعي الفاعل المدني، استطاع برزوق أن يجعل من موقعه في المعارضة منصة لمراقبة الأداء الجماعي، وكشف الاختلالات، والتصدي لمحاولات تفويت الملك العمومي تحت غطاء الاستثمار. مواقفه من ملف النظافة مثلًا، ليست مجرد اعتراضات موسمية، بل رؤى عملية تراكمت عبر السنوات، وتنبيه متواصل إلى ثغرات التدبير المفوض، ودعوة مستمرة لتحسين الأداء والرفع من جودة الخدمات.
ورغم تعاقب المجالس والرؤساء، ظل برزوق وفياً لنهجه، لا يتقلب وفق المزاج السياسي، ولا يساير منطق الولاءات. كثيرون ممن رافقوه في مساره السياسي، غيّروا المواقع والولاءات، إلا أنه بقي صامداً، يحمل همّ المدينة، ويواجه لوبيات العقار، ويدافع عن مصالح الساكنة بكل ما أوتي من قوة اقتراحية، دون أن يساوم على المبادئ أو يدخل سوق التنازلات.
الأكيد أن ما يميز برزوق ليس فقط صلابته في الموقف، بل تلك المرونة الهادئة التي جعلت معارضته محل احترام، حتى من خصومه. لم يكن يومًا صوتًا غوغائيًا أو خصمًا عدائياً، بل كان – وما يزال – مثقفا عضوياً، يمارس المعارضة بشرف، ويقترح البدائل بلغة الحكمة والحق العام.
في زمنٍ أصبحت فيه الأصوات الحرة نادرة، يظل خليل برزوق ضميرًا جماعياً متيقظاً، ونموذجًا لمستشار محلي لا يخشى العزلة السياسية ما دامت بوصلته هي مصلحة المدينة. فهل يعيد الزمن الاعتبار لمثل هذه النماذج النبيلة؟ أم أننا نواصل تغليب الوجوه الاستهلاكية على حساب رجالات المواقف؟