عيد الشغل بين رمزية النضال وتحديات الحاضر

بقلم: [الاستاذ ادريس فقيري]

 

في هذا الأول من ماي، تتجدد أصوات الطبقة العاملة، حاملة معها ذاكرة نضال طويل، وواقعًا متقلبًا تُلقي عليه الأزمة العالمية بظلالها الثقيلة. ومع ذلك، تبقى النقابة قلب النبض الاجتماعي، وسندًا لا غنى عنه للعمال، خصوصًا في زمن تصاعدت فيه مظاهر الاستغلال والتهميش.

 

دور النقابة لم يعد تقليديًا

 

النقابة اليوم لم تعد فقط ذلك الهيكل الورقي الذي يُحشد في أيام المناسبات، بل أصبحت منصة تفاعلية تعتمد على أدوات العصر:

من الصحافة الورقية إلى الجرائد الإلكترونية،

من البيانات الرسمية إلى البث المباشر،

من الاجتماعات المغلقة إلى فضاءات التواصل الاجتماعي المفتوحة.

 

بهذه الوسائل، استطاعت النقابات أن تطوّر أدواتها الدفاعية، وتواكب نبض العمال في الميدان، وتوثّق تجاوزات أرباب العمل، وتُوصل الصوت لمن لا صوت له.

 

مخلفات الأزمة… اختبار للصمود

 

لا شك أن تبعات الأزمات الاقتصادية، من جائحة كورونا إلى الحروب التجارية، جعلت الكتلة العاملة تدفع الثمن الأكبر:

بطالة، تسريحات جماعية، تجميد الأجور، هشاشة وظيفية…

لكن رغم كل ذلك، لم ولن تنكسر إرادة العمال.

بل إن الصمود أصبح واجبًا أخلاقيًا، لأن التراجع يعني هدرًا لما بُني بالنضال والدموع والعرق.

 

بدون النقابة… نعود إلى العبودية الحديثة

 

الحديث عن (سوق الشغل) دون حضور النقابات، هو حديث عن فوضى مُمَنهجة، حيث يُستَغل العامل ويُستَنزَف جسده دون أدنى حماية قانونية أو اجتماعية.

غياب النقابة يعني ضياع الحقوق، وسرقة الجهود، وهدر الكرامة،

ويعني – بشكل أكثر صراحة – مصّ دماء الفئات العاملة تحت مسميات براقة مثل “المرونة” أو “النجاعة”.

 

النقابة الوطنية للصحافة والإعلام الحديث… نموذج يُحتذى

 

في مقدمة الصفوف، تبرز النقابة الوطنية للصحافة والإعلام الحديث كلاعب أساسي في دعم قضايا الطبقة العاملة، خصوصًا داخل مجال الصحافة، ذلك القطاع الذي يُراكم التحديات بين ضعف الحماية المهنية، وانعدام الاستقرار الوظيفي، وتهديدات الحرية.

 

من خلال لقاءات، دورات تكوينية، شراكات مهنية، ونضال إعلامي ميداني، تسعى هذه النقابة إلى تقديم صورة جديدة لمفهوم النقابة، ليست كمجرد وسيط، بل كفاعل حقيقي في صناعة التغيير، ومُرافِق يومي للصحفي والعامل في كل المحطات.

 

ختامًا: عيد الشغل ليس يوماً للاحتفال فقط، بل يوماً للتفكّر والالتزام

 

إنه تذكير سنوي بأن وراء كل منتَج، وخلف كل خدمة، هناك يدٌ عاملة تستحق الاحترام، وعين ساهرة تستحق الراحة، وصوت يجب أن يُسمع.

 

فلتكن النقابات حاضرة، يقظة، مُبدعة في أساليبها، شجاعة في مواقفها…

ولتبقَ الطبقة العاملة عنوان الكرامة الوطنية، لا رقماً على هامش الإحصائيات.

Comments (0)
Add Comment