“إصلاح الجبايات المحلية: خطوة حاسمة لفك قبضة الركود العقاري وتحفيز التنمية الترابية

بواسطة:بوغليم محمد

وسط صمت طويل طال أمده، تُفتح اليوم واحدة من أكثر الأوراش حساسية في علاقة المواطن بالجماعة، حيث صادق مجلس النواب، أخيراً، على مشروع القانون رقم 14.25، المعدّل للقانون 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات الترابية، في لحظة مفصلية طال انتظارها.

الهدف واضح: تحرير المدن من قبضة الأراضي العارية التي تعيق نبض الاستثمار والتنمية، عبر رفع الرسوم المفروضة عليها، وتحديث آليات التحصيل من خلال إشراك المديرية العامة للضرائب وإحداث قباض جماعيين، وهي خطوات ترقى إلى ما يشبه “جراحة مالية دقيقة” في جسد الجماعات المتعب.

الوزير عبد الوافي لفتيت وضع الأرقام بوضوح: الرسوم سترتفع تدريجياً حسب درجة تجهيز المناطق، لتصل إلى 30 درهماً للمتر المربع في المناطق المحظوظة تجهيزاً، مما ينهي فوضى الاحتفاظ بأوعية عقارية دون استغلال، ويفرض على أصحابها الانخراط في منطق التنمية بدل الاكتناز العقاري.

النائب رفيق بناصر لم يُخفِ ارتياحه لهذا الإصلاح، واعتبره بوابة تاريخية لوقف التلاعب بشهادات الاستغلال الفلاحي الوهمية داخل المدار الحضري، والتي طالما استخدمها البعض للتحايل على القانون، في مشهد يُفرغ المدن من روحها التنموية ويحوّلها إلى صحراء من الإسمنت المهجور.

لقد آن الأوان، كما يقول بناصر، لأن تتحول الجباية من عبء إداري إلى أداة عدالة وتنمية، لأن ميزانية الجماعات لن تستقيم بدون جبايات منصفة وفعالة، تشجع على البناء والتأهيل، وتُعاقب على التراخي والتخزين العقاري.

إن ما يحدث اليوم ليس مجرد تعديل قانوني، بل هو إعلان نوايا لدولة تسعى إلى مصالحة المدن مع محيطها الاقتصادي، وإعادة التوازن إلى علاقة المواطن بالملك العقاري، بعدما ظل هذا الأخير لعقود وسيلة تجميد لا محرك نمو.

إصلاح الجباية الترابية ليس مجرد خيار تقني… إنه امتحان للعدالة المجالية، وإرادة سياسية لتحرير الطاقات المحلية من ركام الانتظارات.

 

 

Comments (0)
Add Comment