حين تعزف الأرواح سيمفونية السلام… فاس تتحول إلى معبد كوني في مهرجان الموسيقى الروحية

✍️ بقلم: مندوبة جريدة النهضة الدولية تي في – جهة فاس/مكناس.  Najat Nassiri 

في حضرة التاريخ، بين جدران فاس العتيقة التي تحفظ أسرار التصوف وأهازيج المحبة، ارتفعت أنغام لا تعترف بالحدود ولا بالجنسيات، لتنسج لحناً كونيّاً في مهرجان فاس للموسيقى الروحية. هنا، في هذه المدينة التي تنام على ضفاف الحكمة، استيقظت الأرواح على نداء سامٍ: الوحدة في تنوعها… والروح حين تتحدث لغة الجمال. 

مشاركون من مختلف أصقاع الأرض، حملوا آلاتهم وموروثاتهم الثقافية، ولم تكن بينهم ترجمة سوى موسيقى تنبع من القلب وتخترق وجدان الحاضرين، حيث امتزجت مقامات الشرق بأنغام الغرب، واختلطت الإيقاعات الإفريقية بترانيم الديانات السماوية.

فاس، المدينة التي علمت الدنيا أن الإيمان قد يُتلى بالعود، وأن الصفاء قد يُعزف بالناي، لبست أبهى حللها الروحية، واستقبلت الوفود كما تستقبل الكعبة الحجاج: بخشوع وفخر. كانت الليالي أشبه برحلة صوفية، ينتقل فيها المتلقي من ضوضاء العالم إلى سكينة الوجود، حيث يطغى صوت الروح على صخب المادة.

أما الفيديو التوثيقي لهذا الحدث الفريد، فلم يكن مجرد شريط، بل نافذة تُطل على عوالم تتماهى فيها الثقافات، وتؤكد أن السلام ليس شعاراً، بل أنشودة يمكن عزفها حين تتصافح القلوب قبل الأيدي.

فاس لم تُقم مهرجاناً فحسب، بل أقامت صلاة جماعية على إيقاع الفن، بقلوب بيضاء تحلم بعالم أجمل.